سمسم الرومانسى نائب المدير
عدد الرسائل : 495 العمر : 34 الموقع : مصر العمل/الترفيه : طالب/ الكمبيوتر و التكنولوجيا المزاج : حزين بسبب الجيش و سعيد بالخطوبة نشاط العضو : الدوله : sms : الامل و التفاؤل و الايمان بالله عزوجل هم افضل ما لدى
ارجو الله ان يهدينى و يرشدنى الى الطريق السليم
و يزيدنى صبرا و حكمة من لدنه
و ادعو الله لى و لكم بالتفوق و النجاح دائما الشهره : 8 تاريخ التسجيل : 18/02/2011
| موضوع: ملحمة الامام على الجمعة 11 مارس 2011 - 1:05 | |
| ملحمة
الإمام علي
أو
القصيدة العلويّة المباركة
بسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
المقدمة
أزينُ ملحمتيْ الغرَّا وأحليها&بحمدِ ربِّيَ فليحمدهُ قاريْها
وبالصلاةِ علىَ طهَ وحيدرةٍ&قدْ كنتُ بادءهَا برّاً ومنهيْها
وبعدُ قدْ وفَّقَ اللَّهُ العبيدَ إلى&هذيْ القصيدةِ معَ ضافي حواشيْها
نظمتُ سيرةَ مولانا أبي حسنٍ&فيها على قدرِ إدراكيْ خوافيْها
فما عرفتُ لهُ الدِّينِ مأثرةً&إلاَّ وكنتُ معَ الإخلاصِ راويْها
وبعضُ آثارهِ ما جئتُ أذكرهُ&ولمْ أزلْ عاجزاً عنْ ذكرِ باقيْها
تحصى النُّجومُ ولاَ تحصى مناقبهُ&فكيفَ لا يدركُ الإعياءُ محصيْها
منْ يرجُ أنْ يتولَّى مدحَ حيدرةٍ&بغرِّ آثارهِ وصفاً وتشبيْهَا
رجا المحالَ وأعيا عنْ بلوغِ أما&نيهش منَ المرتضى أو ما يدانيْها
فهذهِ يا ذوي الألبابِ ملحمتيْ&أُمليْ عليكمُ بالتَّقوى أماليْها
وإنَّها خيرُ تاريخٍ لنشأةِ ديْ&نِ اللَّهِ معَ ما جرى بينَ الورىَ فيْها
وقدْ جهدتُ على عجزيْ إخ&لاصٍ لبيتِ رسولِ اللَّهِ أنويْها
أنْ أدركنَّ بها رضوانَ حيدرةٍ&ومنْ بهِ شغفوا حبّاً وتدليْها
وتلكَ بغيةُ مملوكِ المعزِّ حبي&بِ المرتضى ما سواها رحتُ أبغيْها
عطف أمير المؤمنين
على ناظم هذا العقد الثمين
رؤيا روحية وتجليات سنية
بشرى فنفسيَ قدْ نالتْ أمانيْها&فما أنا فوقَ ما نالتْ أُمنّيْها
بشرى لها بلغَتْ أسمى مطالبَها&والدَّهرُ أضحى بما تبغيْ يؤاتيْهَا
وأيُّ مفخرةٍ ترجوْ وقدْ كسبتْ&منَ المفاخر ِوالألطافِ عاليْهَا
وأصبحتْ تزدري أسنَى الرَّغائبِ إذْ&بالنُّجحِ قدْ كلَّلَ الباريْ مساعيْهَا
وإنَّها حرَّةٌ فاستبعدتْ بسجَا&يا المرتضى فرأى فضلاً تأمّيْهَ
وقدْ أوتْ ظلَّهُ وها هيَ فيْ ال&نَّعماءِ تثنيْ على إحسانِ مؤويْهَا
وليلةٍ منْ لياليْ القدرِ زاهرةٍ&بنظمِ مدحِ عليٍّ كنتُ أحييْهَا
كريتُ فيْها وعينيْ قبلُ ماعرفتْ&ما دمتُ أشغلُها فيهِ تكرِّيْها
وبينما كنتُ فيْ سهوٍ وفي سكنٍ&أخلوْ بنفسيَ ساجيْ العينِ غافيْها
إذا بقرمٍ مهيبٍ جاءَ يطلبنيْ&لصحبةٍ لمْ أكنْ تاللَّهِ راجيْها
فقالَ: هيَّ بنا أسرعْ فقلتُ: إلى&أيِّ المسالكِ تدعونيْ لأطويْها
ومنْ منَ النَّاسِ يبغينيْ وكيفَ أنا&أسيرُ وجهةٍ تخفى مماشيْهَا
نادى: ألستَ بآلِ البيتِ أجمعها&لقدْ تولَّهتَ ياابنَ الودِّ توليْها
أجبتهُ: بنعمْ واللَّه أسألهُ ال&تَّوفيقَ والعونَ لي حتَّى أراضيْها
فقالَ ممَّ إذنْ ألفيكَ مضطرباً&وأيُّ نازلةٍ تخشى دواهيْها
خجلتُ واللَّهِ ممَّا قدْ سمعتُ ومنْ&مخاوفٍ ساورتْ نفسيْ فواجيْها
وسرتُ أتبعهُ للبابِ حيثُ علاَ&متنَ المطهَّمِ هانيْ النَّفسِ راضيْها
وقالَ: إنَّكَ ردفيْ ثمَّ أردفنيْ&وجدَّ سبلهِ يطويْ مواميْهَا
فمنْ قفارٍ إلى رحبِ العُهُودِ إلى&جنَّاتِ عدنٍ وقدْ فاحتْ شواذيْهَا
إلى قصورٍ لقدْ دلَّتْ فخامتُهَا&على فخامةِ بانيْهَا وثاويْهَا
أسوارُها تنْطحُ الأفلاكَ شاهقةٌ&فيها المآذنُ تستجليْ دراريْهَا
وفوقَها قببٌ تزهُوْ زخارفُهَا ال&حناءُ والذَّهبُ الإبريزُ غاشيْهَا
فقالَ ليْ صاحبيْ: فانزلْ بنَا فهُنا&"ربُّ الأياديْ التيْ ما خابَ راجيْهَا"
وقال: هلْ أنتَ مُعيَي قُلتُ: لا أبداً&لكنْ على منْ قدمنَا قالَ ليْ: إيْهَا
فسوفَ تعرفُهُ فالزَمْ بحضرتِهِ الآ&دابَ يا صاحبيْ ما دمتَ لاقيْهَا
ثمَّ دخلنا فناءٌ أرضهُ فرشَتْ&بمرمرٍ وهي فيْ أسنى مجاليْهَا
والحوضُ فيْ وسطِهَا منهُ المياهُ جرَتْ&إلى جنائنَها الغنَّاءِ تسقيْهَا
والطَّيرُ تصدحُ ما فوقَ الغصُونِ فيُش&جيْ السَّمعَ شحرورهَا الشَّاديْ قمريْهَا
فخلتُنيْ فيْ جنانِ الخُلدِ مغتبِطاً&فيها فطوبى لتاقٍ فائزٍ فيها
هناكَ فيْ صاحَ بيْ صوتٌ ورنَّتُهُ&كرنَّةِ الآيِ إذْ تُتلى مثانيْهَا
وقالَ: بشراكَ فافخرْ إنَّ مدحتَكَ ال&غرَّاءَ مقبولةٌ بتنا مثيبيْهَا
وقلتُ فيْ موقفيْ والبشرُ يملأُ نف&سيْ وهيَ شاكرةٌ شكراً مناجيْهَا
مولايَ ما أنسَ لا أنسَ الثَّناءَ على&جدواكَ أذكرهَا ذا اليومَ ناسيْهَا
بحليةٍ منْ بديعِ النَّظمِ رائعةٍ&جيدُ الزَّمانِ تحلِّيْهِ لآليْهَا
واللَّهِ ملحمةُ اليونانِ ضائعةٌ&بها وإنْ كانَ هوميروسُ منشيْهَا
وفضلُهَا أنَّها فيْ المرتضى نُظمتْ&ومنْ محامدهِ استوفتْ مبانيْهَا
ومنْ مدائحهِ منْ قبلُ أنْ كملتْ&فيْ الخافقينِ وغنَّاها مغنِّيْهَا
وسوفَ تصبحُ بالأفواهِ منشدةً&بينَ الأعاربِ فيْ أنأى بواديْهَا
ويحمدُ المنشدونَ المطربونَ بها&منْ باسْمهِ جُليتْ جلياً قوافيها
وبينما كنتُ في هذا انتبهتُ إلى&نفسيْ وبالمرتضى الرَّاضيْ أُهنَّيْهَا
ثمَّ انبريتُ إلى القرطاسِ أنظمُ رُؤ&يايَ التَّي كنتُ بالتَّوفيق رائيْهَا
رُؤيا حسدتُ عليْهَا النَّفسَ وهيَ بهَا&في حبِّ حيدرةٍ تُبديْ تفانيْهَا
إلى العتبات الحيدرية
هيُّوا بنا لنزُورَ المُرتضَى بتُقى&زيارةً يحمدُ المسعَى مؤدّيْهَا
وننبريْ في مقاماتٍ مشرَّفةٍ&بهِ نُحيّيْ معَ الإجلالِ ثاويْهَا
هذيْ مواطنهُ العليَا لقدْ رحبتْ&بقاصديْهَا الأُلى وافوا مغانيْهَا
تسابقوا فطووا نائي الدِّيارِ إلي&هَا واستحثُّوا المذاكِيْ في تخطّيْها
ليلثِموا عتباتٍ نالَ لاثمُهَا&آمالَهُ وعليُّ البرُّ موليْهَا
وهوَ المُذِلُّ على الرًّحمنِ خالقهِ&بالصَّالحاتِ الَّتي قدْ كانَ آتيْهَا
هبُّوْا إليهِ لنجلُوْ عنْدَ ساحتهِ&عنِ الصُّدورِ إذا ضاقتْ دواعيْهَا
ونطلبَ المدَدَ العاليْ لأُمَّتنا&بهِ تنالُ منَ الدُّنيا أمانيْهَا
على أبواب العلوية المباركة
هنا عييتُ فلاَ علميْ ولا أدبيْ&ولا القوافي ْالَّتي أخضعتُ عاصيْهَا
ولاَ سماعيْ كلامَ العُربِ أجمعها&مأنوسَهَا بينَ أقواميْ وحوشيْهَا
ولاَ مغاريْ على ما حبَّر الأُدبا&من النَّفائسِ فيْ زاهيْ معانيْهَا
بمُبلغيْ رغبةً ما نالها بشرٌ&قبليْ وبتُّ بها نفسيْ أُمنِّيها
منْ أينَ ليْ لوْ بذلتُ العمرَ أجمعهُ&فضائلُ المرتضى الزَّهرَ أُجلّيْهَا
وهلْ تُصوِّرها هذيْ الحروفُ وما&يُنبيْ عليهِ منَ المعنى تجمِّيها
ياليتَ ليْ شُهُبُ الأفلاكِ أنظِمُهَا&شعراً وإنْ عجزتْ عن أنْ تحاكيْهَا
لكنتُ آتي أمير المؤمنينَ بها&منظومةً تُطربُ الدُّنيا رهاويها
تطاولت همَّتي للشَّمسِ أحسبني&أدنو إليها وأبعد أن أدانيها
أو إنَّ نفسي بنيلِ المستحيلِ تعلَّ&قتْ فما الممكنُ المعقولُ يرضيها
فبتُّ أخشى بأنْ تمنَى بخيبتها&من بعدِ ما بذلت أقصى مساعيها
وللمطامع حدٌّ من تجاوزهُ&يعضُّ أنمله يأساً فيدميها
وإنَّ حيدرةً والله أطعمني&بحلمه وهو سمحُ النَّفسِ ساخيها
وإنَّني من جدا سامي مكارمهِ&ومن معونتهِ إذا أُضتُ لاقيها
قد جئتُ قومي أروي عن فضائله&ما لو تقسَّم بين النَّاس يسمِّيها
فامْدُدْ أميري عبيداً يرتجي مدداً&لقولةٍ فيك بات الدَّهرُ مصغيها
عذراءُ ما جُلبتْ قبلاً على أحدٍ&منْ عاشِقيْهَا وظلَّتْ فيْ مخابيْهَا
وإنَّ حُليَتَهَا مِدحتُكَ ال&غرَّاءُ تبديْ بهَا الإعجابَ والتّيْهَا
وها هيَ اليومَ تسعىَ سعيَهَا بديَا&والعُربِ مُبديةً أجلى تهاديْهَا
فراحَ حاسِدُهَا والنَّارُ تأكلُهُ&وعادَ عاشِقُها بالمدحِ يُطريْهَا
الاستعانة بأمير المؤمنين
أوحِ البلاغةَ فيْ أزهَى مجاليْهَا&فأنتَ سيِّدها الأسمى ومُوحيها
أوحِ البلاغةَ لِيْ حتَّى أجُولَ بهَا&فيْ وصفِ ذانكَ معْ ساميْ معانِيْهَا
نَعَمْ وأطلِقْ لسانيْ فيْ محامدكَ ال&غرَّا لأنشُرَ باديها وخافيْهَا
وأصفحْ أبا حسنٍ عمَّنْ تجرَّأَ عنْ&حُبَّ على مدحةٍ تسمو مبانيْهَا
لوْ لمْ أكن في رحبِ صدركَ ما&حاولتُ واللَّهِ أنْ أرويْ قوافيْهَا
ودَدْتُ فيْ نظمِهَا لوْ أستعيرُ منَ الأ&فلاكِ كيما أوشيها دراريها
أو أن تَهبنيْ شُعاعاً منْ ذكائكَ فيْ&ترصيفِ أبياتِهَا فيهِ أحليْهَا
وقدْ طلبتُ بهَا حُسْنَ الرِّضاءِ فإن&ترضى فقُلْبلغتْ نفسي أمانيْهَا
وهلْ يخيبُ فتىً وافاكَ مُلتمِساًعوناً وأنتَ مُغيثُ النَّاسِ مُلجيها
حاشا يخيبُ فتىً وافى أبا حسنٍ&يرجُو معونتَهُ مثليْ ويبغيْهَا
فيْ نَظْمِ ملحمةٍ كُبرى أرُومُ بها&أن تطربَ النَّاس منْ مُشجيْ أغانيها
والفخرُ ليْ أنَّنيْ قدْ رُحتُ أنظُمُهَا&فيْ ابنِ طالبٍ أرجوْ الرِّضا فيْهَا
وحَسبُها أنَّها تحكيْ فضائِلَهُ ال&غرَّا وآثارهُ الزَّهراء وترويْهَا
أبا الحسينِ انعطافاً للمجيبِّ وقد&وافى لساحتك الزَّهراءِ يزجيها
الأمَّة الَّتي نبغ منها أمير المؤمنين
سرْ في الأعارب وانزل في مغانيها&واشهد مكارم باديها وقاريها
واشهد بما قد رأت عيناكَ إنَّ شها&دة العيان تلاقي من يذكِّيها
وصف فإنَّ مجال الوصفِ ذا سعةٍ&خلالها الزُّهر مع سامي مباديها
نعم لقد جلتُ في أرضِ الجزيرةِ جو&لاتٍ بها جُسْتُ شرقيها وغربيها
من الشَّآمِ إلى أرضِ العراقِ إلى&نجدٍ إلى يمنٍ مع ما يحاذيها
وزرتُ تونس مع أرض الجزائر مع&مراكشٍ جائساً أنئى بواديها
جزت الجبال مع الوديان منتقلاً&فيها إلى كلِّ مثوى من مثاويها
فما وجدت سوى جودٍ وحسن ضيا&فةٍ ودار أمان ٍعزَّ ثاويها
وأمَّةٍ خير ما تسمَّى به عربٌ&إن رام تمجيدها يوماً مسمِّيها
وأنفسٍ حرَّةٍ ما استعبدت وأبت&أن تستذلَّ لغير اللهِ باريها
وهمَّةٍ تنشد العليا وتطلبها&ما الدَّهر يقعدها عنها ويثنيها
وعيشةٍ قد توخَّتها اشتراكيَّةٍ&أجلى مظاهر أهليها تآخيها
حتَّى إذا بلغت باليمن باخرتي&مرسى محمَّرةٍ ألقت مراسيها
وصاح بي السَّعد فانزل ههنا لترى&مواطناً سؤود الأعراب يأويها
أجل هناك تجلَّت لي وجاهةُ ها&رونِ الرَّشيد كما التَّاريخُ يرويها
فمن ذكاءٍ إلى حزمٍ إلى رشدٍ&مواهبٌ فاز بالإجلال قانيها
ومن سماح إلى حلمٍ إلى كرمٍ&مناقبٌ بلغ الجوزاء حاويها
ومن فخارٍ إلى نبلٍ إلى غررٍ&من الفعال التُّقى والبرُّ يحليها
والعرب من قدمٍ أسمى الورى حسباً&إذا رجعنا إلى تاريخٍ ماضيها
ويعربُ الجدُّ من علياهُ قد بدأتْ&تنمو وما زال ربُّ العرشِ منميها
وفي الجزيرة قد كانت منازلها&الكثرى وطاب لها قاسي تثويها
مهامهٌ أمحلت محلاً وما خضبت&إلاَّ بمن قد أقاموا في مواميها
ما أنبتت شجراً ما أثمرت ثمراً&لكن عقولاً تناهت في تساميها
هي الجزيرةُ لا أرضٌ تحاكيها&إن كان مجدُ الأراضي في أهاليها
هي الحجاز ونجدٌ والتَّهامةُ وال&عروضُ واليمن الميمون حاميها
ما أنصفتها نواميس الطَّبيعة ضنَّ&ت بالمياه فلا تجري لترويها
ورزق سكَّانها الأجواد منحصرٌ&بالنُّوق ما همَّها إلاَّ مراعيها
فتكتسي من جنى أصوافها وكذا&من لحمها تغتذي مع درِّ أثديها
وقد تسير بها تطوي القفار إلى ال&عراق والشَّام يبغي التَّجر حاديها
ومع خشونتها في عيشها لطُفَت&أخلاقها وسمت سمواً مباديها
تنبيك آدابها عنها وقد بقيت&مرويَّةً عبرةً كبرى لقاريها
وتلك أشعارها في جاهليَّتها&تطوي حضارتها الغرَّا مطاويها
فيها ترى البدويَّ الجاهليَّ يصوِّ&ر الحضارة في أسمى معانيها
سيَّان في حربه أم في مفاخره&أم في الحسان الَّتي يبغي تصبِّيها
وإنَّما الشِّعر تاريخ الأعارب قد&أبقى لها أبداً ذكرى معاليها
منه عرفنا مغازيها وهمَّتها&وكلَّ سامٍ عظيمٍ من مآتيها
كانت له دولةٌ في العربِ طائعها&قد استعزَّ إذ ذلَّ عاصيها
وربَّ بيتٍ به تهجى القبيلةُ يو&ليها المذلَّةَ والأهوانَ هاجيها
ورُبَّ بيتٍ مديحٍ للقبيلة يو&ليها مدى الدَّهر تعزيزاً وتوجيها
وكان أعظمُ نعمى للقبيلة أن&تلقى لها نابغاً في الشِّعر يحميها
أمَّا شمائلها الغرَّا الَّتي بلغت&بها الفخارَ فليسَ العدُّ يحصيها
فمن مكارمِ أخلاقٍ إلى كرمٍ&إلى نفوسٍ تناهت في تعاليها
إن عاهدت حفظت رغم الزَّمان عهو&د الأصدقاء وبالأرواح تفديها
أو إن أتتها العوافي في حوائجها&نالت كما تشتهي شتَّى أمانيها
وضيفها لم يهب غدر الزَّمان به&حتَّى ولو كان من أعدى أعاديها
وجارها بات مغبوطاً بجيرتها&فلا يهاب من الدُّنيا عواديها
وعن شجاعتها حدِّث ولا حرجٌ&إنَّ الأُسود لتخشاها وتتقيها
وحسبها إنَّها للغير ما خضعت&وطالما أخضعت قهراً مناويها
وكم لها حنت النَّاس الرِّقاب وما&رقابها قطُّ للأغيار تحنيها
سادت وصالت وأبقت من مفاخرها&أوابد ليس كرُّ الدَّهرِ ماحيها
كانت لعمرك تأبى أن تعيش على&هونٍ وأن تتصافى مع مهينيها
يثور ثائرها إن نال واحدها&سوءٌ وكان الَّذي يؤذيه يؤذيها
فإن يصبح وانصيراه رأى أسداً&سلت لقهر أعاديه مواضيها
تضامنٌ بين أفراد القبيلة لا&يبقي على الضَّيم فرداً من مواليها
ومنذ نشأتها امتازت معيشتها&عن البريَّة وحشيها وحضريها
وبالإشتراكيَّة الكبرى فلا رتبٌ&تنئي ذوي الجاه منها عن أدانيها
ولا ضخامة ألقابٍ تميِّز ما&بين الأعارب علوِيْها وسفليها
وليس تأنف أرباب الوجاهة من&ها أن يضمَّ سواد القوم ناديها
وإنَّ أحكامها شورى يصيخ لها&شيوخها إذ تنادي مستشاريها
شورى إليها انتهت من جاهليَّتها&تالله قد تخذتها عن قريشيها
والله أنزل في القرآن آيتها ال&غرَّا لتردع عنها مستبدِّيها
أمَّا عقائدها فالأكثريَّة&ألَّهت إله السَّما الخلاَّق تأليها
على شريعة إبراهيم تحفظها&عن الجدود وتأبى أن تخلِّيها
وكان فيها النَّصارى واليهود وأق&وامٌ معطَّلةٌ والكفر مطغيها
وأمَّةٌ عبدت زلفى لخالقها الأ&صنام جهلاً وتأبى هديَ هاديها
وغاية القول إنَّ الله واصفها&بخير ما في البرايا من أناسيها
فتأمر النَّاس بالمعروف توجبه&كما عن المنكر المتلوف تنهيها
وآمنت بإله العرش قد عرفت&ه الواحد الأحد القهَّار ذاريها
هذي هي الأمَّة العليا الَّتي بزغت&أنوارُ أحمد من أقصى فيافيها
واختصَّها الله بالإسلام تنشر في الآ&فاق دعوته الحسنا وتزكيها
وكان أشرفها جاهاً وأعظمها&قدراً قريشٌ فلا ندٌّ يدانيها
وإنَّها لبطونٌ والوجاهة في ال&تَّخصيص ما ابتعدت عن هاشمييها
وخير هاشمَ بل خيرُ الخليقةِ أح&مدُ الَّذي شرَّف الدُّنيا وأهليها
وبعده المرتضى صنوُ النَّبيِّ رسو&لِ الله أفضل خلق الله تفقيها
وحسب أمَّتنا بالمصطفى وعل&ي المرتضى أن تكاسي من يكاسيها
حسب أمير المؤمنين ونسبه
ونسبة المرتضى كالمصطفى وهما&في ذروة المجد في أعلى أعاليها
هما خيار بني اسماعيل نازلِ أر&جاء الحجاز الأولى باتوا مواليها
وإنَّها عِتْرةٌ ما فيْ الخلائقِ مَنْ&يدنُو لسؤْدِهَا أو مَنْ يُدَانيْهَا
نمتْ أُصولاً وأفخاذاً منوَّعةً&وكانَ أسمقُها مَجداً قريشيْهَا
وفيْ قُريشَ فروعٌ كانَ أفضلهَا&جاهاً هواشمِهُا ما منْ يُسَاميْهَا
وفيْ الهواشمِ سادَ النَّاسَ مُطَّلبٌ&فكانَ ناطورهَا الأعلى ورافيْهَا
وزادهُ اللَّهُ جاهاً بالنُّبوَّةِ فيْ&حفيدهِ المُصطفى إذْ آضَ راعيْهَا
وإنَّها عِزَّةٌ تُحنى الرِّقابُ لها&وليسَ مِنْ عِزَّةٍ قعسا تُناحيْهَا
قَدِ ابتدتْ بالأمينِ المُصطفى وعَلِ&يٌّ منهُ آخذُها إرثاً وجانيها
كلاهُما نَهلا من موردٍ عذبٍ&جرى بهِ منْ مياهِ المجدِ صافيْهَا
نَعَمْ أبُوْ طالبٍ ريَّى الرَّسول وحا&جاتُ الرَّسولِ المُفدَّى كان قاضيْهَا
والمُصطفى كرَماً ربَّى الوصيَّ على&يديهِ تربيةً ما انفكَّ فائيْهَا
كما تربَّى بإدلالِ الخديجةِ أُ&مِّ المؤمنينَ على راضيْ تبنِّيْهَا
وقدْ تزوَّجَ منْ أسمى كرائمها&وما بنُوْ المُرتضى إلاَّ ذراريْهَا
وبيتُهُ بيتُ طهَ وهوَ متَّحِدٌ&معهُ بوحدةٍ حالٍ لا تُجَزِّيْهَا
وفي ذرى الكعبةِ الزَّهراءِ مولِدُهُ&فكانَ فيْ العَرَبِ العرباءِ كعبيْهَا
وكانَ للمُصطفى الهادِيْ البشيرِ أخاً&مُذْ أحكمتْ أُمَّةُ الهاديْ تآخيْهَا
كانَا كمُوسى وهارُونٍ لأُمَّتِنا&وإنَّما بهما الخلاَّقُ مُسمِيْهَا
وللرَّسولِ أحاديثٌ مثبَّتةٌ&عنْ فضلِ حيدرةٍ ما مانَ راويْهَا
وفيْ الكتابِ مثانٍ فيهِ قدْ نزلتْ&فشرَّفتهُ فقُلْ: سُبحانَ مُوحيْهَا
والد أمير المؤمنين
لدى أبيْ طالبٍ قِفْ صاحِ محترماً&عُزَّ الأيادي الَّتي قدْ كانَ يُسديْهَا
ولا تخلْ أنَّني أوفيْ مدائِحَهُ&فإنَّ مدحتَهْ ما منْ يُوَفّيْهَا
قدْ كان أفضلَ شيخٍ فيْ قُريشَ جمي&عاً بالمحامدِ لا فيْ هاشميِّيها
وكانَ بعدَ أبيهِ القرْمِ سيِّدها&بلاَ جدالٍ وحاميها وآسيْهضا
وكانَ أحكمَها رأياً وأفضلها&حزْماً وأكثرها مجداً وتوجيْهَا
منْ بعدِ مُطَّلبٍ دانتْ لسؤدُدِهِ&طوعَاً فكانَ إلى الإسعادِ مُمشيْهَا
والجاهليَّةُ فيْ علياهُ قدْ ختمتْ&فخارَهَا مُذْ غدا الإسلامُ طاويها
وحسبُهُ كَفِلَ الهاديْ الأمينَ كفا&لَةً جميعُ عبادِ اللَّهِ تُطريْهَا
فكانَ كافلَهُ وهوَ اليتيمُ بعط&ةٍ وحقِّكَ ما الآباءِ تأتيْهَا
وكانَ يعنَى بهِ برَّاً يُفضِّلهُ&على بنيهِ لكيْ يزدادَ ترفيْهَا
وكانَ يُضجِعُهُ فيْ قُربِهِ وليا&ليهِ الطِّوالُ عليهِ كانَ يُحييها
وكان فيْ بيتهِ الرَّبَّ المُحكَّمَ فيْ&شؤُونهِ مثلما يهوى يُجرِّيها
وفيْ المآكلِ لا يُطهى هنالكَ منْ&ألوانِهَا غيرُ ما قدْ كانَ شاهيها
وسارَ معهُ إلى أرضِ الشِّآمِ برح&لةٍ بدا جاهُ طهَ للملاَ فيها
وردَّ عنهُ الأعاديْ عندَ بعثتِهِ ال&زَّهرا ةقدْ كَثُرتْ جهلاً أعاديها
وكانَ يُنشِدُ فيْ طهَ قصائدهُ&وفي نُبُوَّتهِ العصما ويُمليها
وكانَ يدعوْ إلى محمودِ دعوتهِ&جهراً قريشَ وبالأُخرى يُمنِّيها
وعندَ ما قدْ دَنَتْ منهُ الوفاةُ دعا&رُوُؤْسَ أُمَّتِهِ كيما يُفاهيها
وقالَ والموتُ يغشاهُ بصُفرتهِ&ورهبةُ الموتِ يُشجي النَّفسِ فاجيها
أُوصيكُمُ يا بنيْ أُميْ بكعبتنا&فإنَّ فيها رضاءُ اللَّهِ ثاويها
وإنَّ رزقكُمْ فيها ينالُكُمُ&منَ الحجيجِ إذا وافتْ مغانيها
وبالودادِ صلُوا أرحامكمْ وبذا&تنالُ أُمَّتكمْ أقصى أمانيها
وحاذروا البغيَ معْ العُقُوقِ وما&يليهِما منْ شُرُورٍ ضلَّ جانيها
فإنَّها أهلكتْ منْ قبلكمْ أُمماً&كانتْ فبادتْ وإنَّ الإثمَ مُفنيها
وإنْ دُعيتُم فلبُّوا أو سُئِلتُمُ إح&ساناً فجودُوا النَّاسِ ساخيها
والصِّدقُ أولى بكمْ والكذبُ منقَصَةٌ&ذُوْ العقلِ تنالوا شُكرَ أهليها
وإنَّني اليومَ أُوصيكمْ بأحمدَ خي&راً واسمعوا دعوةً ما انفكَّ داعيها
ما من أمينٍ سواهُ فيْ قُريشَ ولا&صديقَ للعُربِ إلاَّهُ يُواليها
إنَّيْ لأنْظُرُ فيْ الأيَّامِ مُقبلةً&عليهِ من بعدِ أنْ يُجليْ دياجيها
فيها تهبُّ صعاليكُ الأغاربِ مع&هُ بينَ حاضرِها المُهدىَ وباديها
وقدْ أجابتْ معَ الإيمانِ دعوتهُ&وعظَّمتْ أمرَهُ تدعُوهُ هاديها
أُلفيهِ يخرجُ فيها للحروبِ جما&عاتٍ تخوض المنايا لا تُحاشيها
تبغي قُريشاً وأسرعْ أنْ نُذلُّ لها&وأنْ تسُودَ عليها أو تُلاشيها
إذ ذاكَ أسيادُها تُمسيْ وحاجتُها&إلى مُحمَّدَ بالإذلالِ تُزجيها
وأبعدُ النَّاسِ منهُ باتَ أقربها&إلى مودَّتِهِ بالصَّفوِ يُبديها
والعُربُ دونَ قُريشٍ تحتَ رايتهِ&صالتْ وجالت وعزَّتْ فيْ تسطِّيها
واللَّهِ يا أمَّتي لا يُسْعَدنَّ فتىً&إلاَّ بطاعتهِ طُوبى لحاظيها
ولمْ يكدْ ينتهي منْ ذي الوصيَّةِ حتَّ&ى ماتَ وهوَ على السُّمَّاعِ يُلقيها
وعمرَكَ اللَّه هلْ هذيْ وصيَّةُ مُش&رِكٍ لأُمَّتهِ قدْ راحَ يُوصيها
مُمدَّدٍ في فراشِ الموتِ في دنفٍ&ونَفْسُهُ بلغتْ منهُ تراقيها
وهلْ يُوصِّيْ بطهَ ذيْ الوصيَّة إلاَّ&مؤمنٌ شرعةُ الإسلامِ راضيها
كذا أبُو طالبٍ قدْ كانَ أوَّلَ أن&صارِ الشَّريعةِ بل أوفى محبِّيها
فإنْ يمتْ مُشركاً ما الشِّركُ مهلكُهُ&للمحمداتِ التَّي قدْ راحَ آتيها
وإنْ يمتْ مؤمناً فاللَّهُ مؤجرُهُ&أجر الصَّحابةِ مثويهِ مثاويها
وإنَّ نفسَاً أتتْ تلكَ الفضائلِ ما الإ&سلامُ تاللَّهِ ناءٍ عن مطاويها
فقدْ تكونُ أقرَّتهُ بخافيها&وللمحاذيرِ ما أبدتهُ منْ فيها
كم من نُفُوسٍ أقرَّتْ بالشَّهادةِ والإ&سلامِ سرَّاً وكان اللَّهُ داريها
وكم نُفُوسٍ لقدْ أبدتْ شهادتها&زُورَاً وكذباً وكان الكُفرُ غاويها
واللَّهُ يعلمُ ما تخفي الصُّدورُ وبال&دلِ الإلهيِّ يومَ الدِّينِ يُجزيها
فالمؤمنونَ لهمْ رحبُ الجنانِ إذا&أعمالهمْ صلحتْ يثوونَ هانيها
والمشركونَ لهمْ نارُ الجحيمِ وفي&ها الخالدونَ وما الأحقابُ تطفيْهَا
والدة أمير المؤمنين
أُمُّ العليِّ وأُمُّ المصطفى أدرت&أيُّ المفاخرِ أبقتها لأهليها
فإنَّها كفلتْ خيرَ الخلائقِ أس&ماها وأعظمها جاهاً وهاديها
وإنَّها أنجبت صنوَ الرَّسولِ أمي&ناً للشَّريعةِ يُفشيها ويحميها
كذا الملائكُ في جنَّاتها حفلتْ&بنيِّريها وودَّت لو تهنيها
فتلكَ فاطمةٌ أُولى كرائمِ ها&شمٍ لقد وُلدتْ في هاشميِّيها
وخيرهنَّ بمن ربَّت ومن ولدت&وحقُّها بهما تبدي تباهيها
واللَّهُ أسعدها دنيا وآخرةً&جزاءَ ما أسلفتهُ من مآتيها
فأسلمت بعدَ عشرٍ من تُقاةِ عبا&دِ اللَّهِ ذلكَ من ألطافِ باريها
وهيَ التي بايعت قبلَ النِّساءِ رسو&لَ اللَّهِ بيعةَ صدقٍ لم تؤنِّيها
وكانَ يثني عليها المصطفى ولها&يدعوْ بأُمِّي إذا ما راحَ داعيها
وكانَ يُكرمُ مثواها ويحفظُ ما&لها عليهِ قديماً من أياديها
إيَّام قد كان يثوي رحبَ منزلها&ما بين أبنائها يلقى تحنِّيها
ومثلُ أحمدَ لا ينسى جمائلَ مث&لها ورُبِّي يتيماً في مغانيها
وظلَّ يحمدُها حتَّى إذا رحلت&إلى الخلودِ انثنى يبكي ويرثيها
أوصت إليهِ قُبيلَ الموتِ حاجتها&وحسبُ رغبتها قد كان مجريها
وكانَ كافنها في ثوبهِ كرماً&ونام في القبرِ معها وهوَ باكيها
كيما يُهوِّنُ عنها ضغطةً عرفت&للقبرِ من ماتَ لا شكٌّ يعانيها
وكي تفوزَ بأثوابِ الجنانِ تُبا&هي الصَّالحاتِ جميعاً في تكسِّيها
وقيلَ للمصطفى عن حُسنِ فعلتهِ&معها وما عهدتهُ قبلُ آتيها
فقال: ما برَّبي من بعد عمِّي طالبٍ&سواها لذا إنِّي أكافيها
وإن أضفنا إلى هذا الفخارِ فخا&رَ المرتضى وغذاهُ درُّ أثديها
وإنَّها أوجدت للنَّاسِ قطبَ هُدى&بعدَ الرَّسولِ إلى الإيمانِ يهديها
وإنَّ هذا الذي ذاعت مفاخرهُ&هوَ ابنُها ومباديهِ مباديها
قُلنا لفاطمةٌ خيرُ النِّساءِ كما&قالَ الرَّسولُ ومن إلاَّهُ يُدريها
ولادة أمير المؤمنين
في رحبةِ الكعبةِ الزَّهرا قدِ انبثقت&أنوارُ طفلٍ وضاءت في مغانيها
واستبشرَ النَّاسُ في زاهي ولادتهِ&قالوا: السُّعودُ لهُ لا بدَّ لاقيها
قالوا: ابنُ من فأجيبوا: إنَّهُ ولدٌ&من نسلِ هاشمَ من أسمى ذراريها
هنُّوا أبا طالبِ الجوَّادَ والدهُ&والأُمُّ فاطمةٌ هيُّوا نُهنِّيها
إنَّ الرَّضيعَ الَّذي شامَ الضِّياءَ ببي&تِ اللَّهِ عزَّتُهْ لا عزَّ يحكيها
أمَّا الوليدُ فلاقى الأرضَ مبتسماً&فما رغا رهباً ما كان حاشيها
إلى النِّساءِ الَّتي حوليهِ قد نظرت&عيناهُ نظرةَ مسجلٍ خوافيها
وهنَّ أعجبنَ بالمولودِ شُمنَ بهِ&شبلاً بِبُنيتهَ سُبحانَ بانيها
وقلنَ: فاطمُ قدْ جاءت بحيدرةٍ&يذُبُّ عن قومهِ العدوى ويحميها
فراقَ فاطمةً والطِّفلُ بينَ يدي&ها قولةٌ سمعتها من جواريها
واستبشرت ثمَّ قالت: والدي أسدٌ&فاسمهِ صرتُ أُسميهِ بخافيها
ثمَّ أبو طالبٍ وافى حليلتهُ&وطفلها وانثنى صفواً يحاليها
وهمَّ بالطِّفلِ يستجلي ملاحمهُ ال&زَّهرا فألقى المعالي كوِّنت فيها
وقالتِ الإِمُّ: يا بُشرى بحيدرةٍ&بُشرى أبا طالبٍ وافيتُ أُسديها
أجابها: بل عليٌّ إنَّني لأرا&هُ بالغاً ذروةَ العليا وراقيها
اللَّهُ أكبرُ من تلكَ الفراسةِ بال&مواودِ والوالدِ المفضالُ رائيها
قد حقَّقتها اللَّيالي بالوليدِ فأم&سى بين أهل العُلى والمجدِ عاليها
وعامُ مولدهِ العامُ الَّذي بدأت&بشائرُ الوحيِ تأتي من اعاليها
فيهِ الحجارةُ والأشجارُ قدْ هتفتْ&للمصطفى وهوَ رائيها وصاغيها
وإذ درى المصطفى فيهِ ولادةَ مو&لانا العليِّ غدا بالبشرِ يطريها
وباتَ مستبشراً بالطِّفلِ قال به&لنا منَ النِّعمِ الزَّهراءِ ضافيها
تربية أمير المؤمنين
عطفُ الرَّسولِ على أفرادِ عترتهِ&لقد تناولَ دانيها ونائيها
ونالَ جمعهمُ من فيضِ رحمتهِ&مفاخراً ليسَ من فخرٍ يُدانيها
عنهُ مواصلةُ الأرحامِ قد تخدت&ها النَّاسُ إذ كانَ آتيها وموصيها
وذاتُ عامٍ بقحطِ العيشِ قد منيت&قريشُ حتَّى تعالى صوتُ شاكيها
وأوشكَ الجوعُ أن يفني جماعتها&والجوعُ للنَّاسِ من أدهى دواهيها
وإنَّ أشقى الورى حالاً وأتعبهم&عيشاً وأقلقهم بالاً معليها
ولم يفُت أحمداً أنَّ المصيبةَ قد&نالت أبا طالبِ السَّامي دواعيه
وإنَّهُ ذو عيالٍ باتَ يعجزُ عن&حاجاتها وهوَ يغدوها ويكسيها
وقالَ في نفسهِ: إنِّي لعمِّي مدْ&يونٌ ودينتهُ قد آنَ أوفيها
أعالني بعدَ جدِّي غير مطَّلبٍ&أجراً إعالةَ برٍّ لستُ ناسيها
فهل منَ العدلِ إذ ضاقت معيشتهُ&أن لا أقومَ بنعمى كانَ موليها
وأعملَ الرَّأيَ في ترفيهِ عيشةِ ع&مٍّ كانَ من أوسعِ الأسيادِ ترفيها
فجاء حمزةَ والعبَّاسَ إنَّهما&عمَّاهُ بالرَّغبةِ العلياءِ يسديها
فقالَ: هيَّ بنا هيَّ نُخفِّفُ عن&عمِّي أبي طلبٍ بلوى يعانيها
بأخذنا نفراً من وُلدهِ ولنح&نُ اليومَ أولى بها منهُ نربِّيها
فما أبى دعوةَ الهادي ورغبتهُ&عمَّاهُ بل وافقا قالا: نلبِّيها
وصاحباهُ فساروا يقصدونَ ديا&رةً أبو طالبِ المفضالُ يثويها
وأنبئوا فلم يرفض برغبتهم&وسرَّهُ أنَّ حبَّ الخيرِ داعيها
وقالَ أبقوا عقيلاً لي ودونكم الأ&م ولادُ راشدُها الذَِاكي وناشيها
فاختارَ طالبَ عبَّاسٌ وجعفرَ حمزةٌ &وأحمدُ منها خار عاليها
فاختصَّ من ولدهِ الأنجابِ أفضلها&مخايلاً ما اختفت عنهُ خوافيها
وقالَ قد خِرتُ من ربِّي تخيَّرهُ&لي خيرةُ اللَّهِ خيرُ النَّاسِ يبغيها
هوَ العليُّ بهِ وافى خديجتهُ&هديَّةٌ قالَ بُشرى جئتُ أهديها
على يديها وفي سامي عنايتهِ&لقد نشا سيُّدُ التَّقوى وحاميها
وحسبُهُ إذ تربَّى في ظلالهما&أنَّ البريَّةَ تدعوهُ مربِّيها
| |
|