سمسم الرومانسى نائب المدير
عدد الرسائل : 495 العمر : 34 الموقع : مصر العمل/الترفيه : طالب/ الكمبيوتر و التكنولوجيا المزاج : حزين بسبب الجيش و سعيد بالخطوبة نشاط العضو : الدوله : sms : الامل و التفاؤل و الايمان بالله عزوجل هم افضل ما لدى
ارجو الله ان يهدينى و يرشدنى الى الطريق السليم
و يزيدنى صبرا و حكمة من لدنه
و ادعو الله لى و لكم بالتفوق و النجاح دائما الشهره : 8 تاريخ التسجيل : 18/02/2011
| موضوع: القسم السادس من (ملحمة الإمام علي أو القصيدة العلوية المباركة) الجمعة 11 مارس 2011 - 1:17 | |
| وكان القسم الخامس انتهى بالبيت التالي:
وعاد أصحاب طهَ للمدينة في&عهدٍ لنشر الهدى جهراً يهيِّيها
أمير المؤمنين في غزوة خيبر
دعا الرَّسول فلبَّى المؤمنون إلى&تأديب خيبر عن ماضي تعدِّيها
إذ مالأت خفيةً أعداء أحمد من&يهود قنقاع ثمَّ من نضيريها
وقال: غزوتنا لله وجهتها&لا للغنائم فليرجع مرجيها
وخيبر ذات يسرٍ والرِّياض حوا&ليها وأشجارها تملأ ضواحيها
وأهلها حسبوا أنَّ الحصون وإن&هم يظلمون لتحميهم وتحميها
لذاك شادوا بإسرافٍ حصونهم&فطاولت مطلع الشِّعرى مبانيها
على حصونهم كان اتَّكالهم&بخفرهم ذمَّة الإسلام تجريها
ومذ رأوا قوم طهَ أقبلت قفلوا&أبوابها وتخبَّوا في مخابيها
وطال حصر رسول الله بلدتهم&فلم تسلم ولم يخنع أهاليها
فقال: نفتحها قهراً بحولك يا&ربَّاه مهما تمادت في تعصيها
في الحال نادى أبا بكرٍ وسلَّمه ال&لواء قال له: فاقصد حواميها
فسار والجمع من حوليه مطلباً&فتحاً وهمَّته لم ينب ماضيها
ولم يوفَّق إلى فتحٍ وعاد إلى&طهَ وبغيته قد خابَ باغيها
فأوفدَ المصطفى من بعدهِ عمراً&وقال حاجتنا لا شكَّ تقضيها
فسارَ فيها أبو حفصٍ على عجلٍ&وارتدَّ عنها ولم يبلغ صياصيها
فأرسل المصطفى الحبَّاب يحسبه&لذي المهمَّة أهلاً أن يوفِّيها
فسار في غدهِ ثمَّ انثنى يؤساً&من نصرةٍ رامَ بالأرواحِ يشريها
كذاك أرسل سعداً تحت رايته&فما على خيبرٍ قد كان مربيها
فاستاء طهَ لحملاتٍ له فشلتْ&على التَّوالي ولم ينجح تتاليها
وقال: إنِّي لأعطي رايتي بطلاً&بالنَّصر فوق رِبَى الأعداء يعليها
فتىً أحبَّ إلهَ العرشِ عن ولهٍ&وقد تدلَّه بي تالله تدليها
يكرُّ كرَّاً ولا يرضى بفرار ويل&قى الأسدَ في غابها تأوي مآويها
على يديه إله العرش يفتح لي&هذي الحصون وإن عزَّت بحاميها
وفي الغداة دعا طهَ العليَّ إلى&مهمَّةٍ هو بسمِ الله قاضيها
فقيل: إنَّ عليَّاً يشتكي رمد ال&عين الَّتي رؤية الأنوار تؤذيها
حتَّى مسالكه يخشى العثارَ إذا&ما سار فيها فلا تلقيه يطويها
فقال طهَ: ومن يأتي به وإذا&"بسلمةٍ" رغبةُ المهديِّ يمضيا
وجدَّ يطلب مولانا أبا حسنٍ&من وسط خيمته إذا كان لاجيها
فأظهرَ المرتضى أوفي طواعيةٍ&لرغبةٍ لم يكن يوماً يعاصيها
وقالَ: إن يمنعِ اللَّهُ الهباتِ فلا&معطٍ ولا مانعٌ إن كانَ معطيها
فقادهُ "سلمةٌ" وهوَ المعصِّبُ عي&نيهِ وخطوتهُ ريثٌ تخطيها
وإذ رآهُ رسولُ اللَّهِ أمسكهُ&وقال: ذا مبلغي رغبى أرجِّيها
وقال: خبيرُ في أسوارها امتنعت&وأنت قاهرها حتماً وخازيها
فسر عليها وأنتَ اليومَ فاتُحها&وبالمذلَّةِ والإهوانِ مانيها
قالَ العليُّ: ولكن من أذى رمدي&أشكو وعيني قد سالت مآقيها
فقال أحمدُ: لا تجزع فرمدتكَ ال&عضلاءُ إنِّي بإذنِ اللَّهِ أبريها
وراحَ مستقبلاً رأسَ العليِّ على ال&حجرِ الشَّريفِ بألطافٍ يواليها
ثمَّ جلا ببنانِ اللِّطفِ عصبةَ عي&نيهِ ورمدتهُ أمسى يُداويها
وبالبصاقِ انثنى يجلو العماسةَ عن&هما فزالت وكانَ البرءُ تاليها
وبعدَ ذا ما شكا من رمدةٍ دهمت&عينيهِ كلاَّ ولم يعرف تأذِّيها
وقالَ طهَ: فسر لا تلتهت أبداً&حتَّى تدوِّخَ غاويها وعاتيها
وعن يمينِكَ جبريلٌ وفي يدهِ&سيفٌ إذا ضربَ الأجبالَ يفريها
ومن بيمناهُ نفسي عونُ غزوتكَ ال&غرَّا بنصرتهِ العليا يوشِّيها
أبشر برضوانِ ربِّي أنتَ كاسبهُ&وبالجنانِ الَّتي لا شكَّ تثويها
وأنتَ للعربِ مولى منجدٌ وأنا&مولى بني آدمٍ طرَّاً ومهديها
فسارَ حيدرةٌ سيرَ الهزبرِ إلى&ملقى الفرائسِ بالرَّغبى يُمنِّيها
وبعدَ بضعِ خُطىً نادى الرَّسولَ: على&ماذا أُحاربها أو ما أقاضيها
فقالَ: قاتل ذويها أو تصيخُ إلى ال&شَّهادتينِ وترضى أمرَ باريها
لكَ الظَّواهرُ تبديها فتقبلها&وللمهيمنِ ما تخفي خوافيها
أبلغ جماعتها طرَّاً فرائضنا&وأفرض عليها جميعاً أن تؤدِّيها
فإن أجابتكَ فاعلم أنَّها حقنت&دماءها ونجت مع ما بأيديها
وإن بكَ اللَّهُ آتى هديَهُ رجلاً&خيرٌ منَ النِّعمِ الكثرى تزكِّيها
كذا العليُّ سعى والنَّاسُ تتبعهُ&إلى الحصونِ الَّتي أعيت ملاقيها
ثمَّ تسارعَ في إركازِ رايتهِ&بقربها عندَ ما أمسى مدانيها
وصاحَ: هل منكمُ يا آلَ خيبرَ من&يبغي مبارزةً قد جئتُ داعيها
فصاحَ صائحهم: من أنتَ قالَ: أنا&عليُّ نادى مغازيكم بعاليها
ثمَّ الحماةُ إلى لقياهُ قد خرجت&والمسلمونَ تنائوا عن مراميها
أمَّا العليُّ فلم يجزع لموقفهِ&ولم يخف وهوَ فردٌ من تلقِّيها
فجاءهُ الحارثُ الصِّنديدُ وهوَ بخي&برَ الشُّجاعُ الَّذي يلقى أعاديها
يبغي على جهلةٍ منهُ مبارزةً&تاللَّهِ ما عاقلٌ في النَّاسِ يبغيها
فصاولَ الحارثَ الغمرَ الَّذي بطشت&بهِ يمينُ عليٍّ وهوَ يهويها
وإذ رأى الخيبريُّونَ القتيلَ لووا&وجوههم واصفرارُ الموتِ غاشيها
وأسرعوا فرقاً يأوونَ حصنهمُ&لهلكةٍ فاجأت راموا توقِّيها
ثمَّ انبرى مرحبٌ يبغي مبارزةً&لأخذِ ثأرِ أخيهِ المبتلى فيها
وفاجأ المرتضى فجئاً بضربةِ سي&فٍ طيِّرت ترسَهُ يا ويلَ ملقيها
وكانَ في قربهِ بابٌ إذا طلبت&حملانهُ السَّبعةُ الأنفارُ يعييها
فرامهُ المرتضى ترساً وردَّ بهِ&عن نفسِهِ وإلهُ العرشِ واقيها
وكرَّ كرَّاً على العادي وأرسلهُ&للنَّارِ فهوَ وحقِّ اللَّهِ صاليها
وجاءهُ ياسرٌ للثَّأرِ بعدهما&فكانَ إثرهما في النَّارِ يأويها
وبعدَ ذا فتحت أسوارُ خيبرَ فت&حاً بالعليِّ وقد دكَّت رواسيها
وردَّدَ المصطفى شكرَ العليِّ ولا&قتهُ جماعتهُ والحمدُ في فيها
أمير المؤمنين وأبو سفيان
سرعانَ ما انتشرت في العربِ دعوةُ أح&مدَ الَّتي كانَ بالإخلاصِ داعيها
فقد رأينا وما مرَّت ثمانيةُ ال&حؤولِ بالهجرةِ المغبوطُ ساريها
أنَّ الأُلو هربوا من مكَّةٍ فرقاً&من مشركيها لقد أمسوا مخيفيها
وأنَّ ربَّكَ أنمى المسلمينَ بأب&ناءِ "الجزيرةِ" عاليها وواطيها
وأنَّ قوَّتهُ معهم تؤيُّدهم&وقوَّةُ اللَّهِ تخزي من يُقاويها
وبينما شرعةُ الإسلام بالغةٌ&بحول ربك ما يرضيْ مريديها
كذاك أعلامها العليا انتشرت&فوق الرُّؤوس وهابتها أعاديها
وبينما النَّاسُ تخشى أن تغضب أه&ليها وتسعى إلى مرضاة هاديها
إذا بأصحابنا في مكَّةٍ نكثتْ&عهودها وتغاضتْ عنْ تألّ
نستْ فما ذكرتْ عهد الحديبية ال&مشهور أو قدْ تناستْ عهدها تيها
وناصرت بكر فيْ حرب الخزاعة لم&ترهبْ بفعلتها طه مواليها
والوحيُ أبلغ طه ما خزاعةُ في&ه منْ أذى صاح إلى اليوم مؤذيها
ثمَّتْ أتتهُ بشكواها جزاعةٌ تر&جو عونهُ وهو أسمى من يشكّيها
فطيَّب المصطفى لطفاً&وردّها وهو بالكتمان يوصيها
ولم يعد بعد من عهدٍ يؤخّرهُ&عنْ مكّةٍ ولهُ شاقتْ مغانيها
وكان صبوْ إليها وهي موطنهُ&وعينهُ نحوها تبدي ترنّيها
وليس يجهلُ أنَّ العرب أجمعها&بالبرّ تستقبلُ البيت الّذيْ فيها
وأنّ أصحابهُ لا شيء يطربهم&مثلُ التّربُّع في عالي مبانيها
وأنّ فيْ فتحها نصرُ الحنيفة نص&رةً تدهورُ في الخذلان عاصيها
لذا تعجَّل في إعداد غزوتها&بعزمةٍ عندهُ بسلٌ توانيها
بها أسرَّ إلى أقطاب أمَّته&فاستعجلتهُ وما كانت لترجيها
وقال:إنّ أبا سفيان يقصدنا&غداً لترضيةٍ أصبحتُ آبيها
وإذ أحسّت قريشٌ بالمخاطر خا&فت شرَّ ما صنعت في الأمس أيديها
وأوفدتْ لجموعِ المسلمينَ أبا&سفيانَ سيّدها حتَّى يراضيها
ويستعيد لها العهد القديم فلا&تدهى بداهيةٍ صعبٌ توقيها
فهبَّ هبَّاً أبو سفيان منتقياً&من الأصائل عاديها وخاديها
وجدّفي السّير يبغي طيبةً فطوى ال&قفار حتى أظلّتهُ عواليها
فجازها لمقرٍّ المسلمين وأ&مّ المصطفى ومناهُ قام يبديها
فقال طه:وهل أحدثتمُ حدثاً&يضيعُ عهدتنا الوثقى وينفيها
أجاب كلاَّ: فقال المصطفى: وأنا&على عهودي كما نصت أراعيها
فقال: لكنّني أرجو فقاطعهُ&ومال عنهُّّّ بعين الجفو يغضيها
فهاب صخرٌ أبو سفيان موقفهُ&إزاء نارٍ يرجّي أن يطفّيها
وجاوز المسجد الطيبيَّ في جزعٍ&وسار في طيبةٍ ينحو مناحيها
على رجاء لقى شهمٍ يمدُّ يداً&له أو من لهُ تعمى فيسديها
بها ينالُ رضاء المصطفى كرماً&عن العمومة في أسو مساويها
فلم يجد في أبي بكرٍ سوى كلفٍ&بالحرب لا ينثني عن سعر خابيها
وكان أكثر ميلاً للوغى عمرٌ&ونارهُ لم يزل يبغي تلظّيها
كذاك عثمانُ مع داني قرابته&منهُ أبي نصرةً قد جاء يبغيها
فيمّم المرتضى في بيته طلباً&لبغيةٍ هو أسمى من يلّبيها
والمرتضى كانَ مغبوطاً بمنزلهِ&ما بينَ أسرتهِ العليا يؤاسيها
في حجرهِ حسنُ طفلُ يداعبهُ&مناهزٌ من حؤولِ العمرِ ساديها
وقربهُ قد ثوت بالبشرِ فاطمةٌ&معها الحسينُ تناغيهِ فيشجيها
قرا السَّلامَ أبو سفيانَ ثمَّ جثا&يبدي رغائبهِ يرجو تقاضيها
وقال: إنِّي أرى في المرتضى عضداً&على الملِمَّاتِ يكفيني عواديها
فكن معيني على استرضاءِ أحمدَ في&تجديدِ عهدتِنا إذ همَّ يلغيها
فقالَ: ويحكَ طهَ ليسَ يرجعُ عن&إرادةٍ همَّ بسمِ اللَّهِ يمضيها
فمالَ واليأسُ في عينيهِ مرتسمٌ&لبنتِ أحمدَ يستدعي تحنِّيها
قالت: أنا امرأةٌ لا شأنَ لي أبداً&في مثلِ رغبتكَ المردودُ ساعيها
فقالَ: هل لكِ أن تستعملي حسناً&لنجدةِ العُربِ يغدو وهوَ واليها
قالت: وهل لصبيِّ أن يجبرَ على&محمَّدٍ جيرةً ذاعت مخازيها
فقال: فاستعطفي لطفاً عليٍّ بقُر&بى لم يخبْ في كرامِ العُربِ مدليها
فلم تجب وجمت إذ ذاكَ فاطمةٌ&وهالها ذلُّ صخرٍ إذ يُفاهيها
وقالَ حيدرةٌ: واللَّهِ ليسَ على ال&رَّسولِ يفتاتُ ما رُغباكَ تقضيها
فقالَ: فانصح إذن إنَّ الأمورَ قدِ إنـ&ـسدَّت بوجهي كما أَصبحتُ رائيها
أجاب: صعبٌٌ تلاقي أزمةٍ حدثت&ولا أظنُّكَ يا صخرُ مخطِّيها
وأنتَ ما دمتَ رأسَ العُربِ سيِّدها&يلتفُّ حوليكَ باديها وقاريها
فقم أجِر أنتَ بينَ النَّاسِ متَّكلاً&على وجاهتكَ الغرَّاءِ تعميها
والحق بمكَّةَ لا تلبث بطيبتنا&من غيرِ فائدةٍ حسناءَ تجنيها
في الحالِ خفَّ أبو سفيانَ معتمداً&نصيحةَ المرتضى وانصاعَ يجريها ولاذَ بالمسجدِ الأسنى وأحمدُ في&هِ بينَ ندوتهِ سرَّاً يناديها وقالَ: يا ناسُ أصغوا لي فإنِّي قد&أجرتُ قومي قريشاً في مآويها ولا إخالكمُ تنوُرنَ ردَّ جوا&ري أو خفورَ عهودٍ رحتُ راعيها أجابهُ المصطفى: هل أنتَ قائلُ ذا&ولم يُزِدهُ على ما قالَ تسفيها فارتدَّ حالاً أبو سفيانَ مطلباً&أصحابهُ بالَّذي قد تمَّ ينبيها وعندَ ما حلَّ في أُمِّ القرى سردَ الأ&خبار للقومِ بالتَّزويقِ يرويها
فقال: لم أرَ مثلَ المسلمينَ رعا&يا قد أطاعت وربِّ النَّاسِ راعها
وقد وجدتُ الجفا من أحمدٍ وذوي&هِ إنَّ جفوتهم أصبحتُ خاشيها
وكانَ ألينهم قولاً وأسلمهم&أبو ترابٍ عزيزُ النَّفسِ زاكيها
أشارَ فضلاً عليَّ فامتثلتُ لهُ&نصيحةً كنتُ بالإسراعِ آتيها
وقصَّ قصَّتهُ ما بينَ أُمَّتهِ&كما جرت مبدياً أخفى خوافيها
فما اطمأنَّت إلى دعوى إجارتهِ&كما رواها رأتها ليسَ تنجيها
وأعلنت فشلَ المسعى وخيبتهُ&ولازمت فرقاً خافي ملاجيها
أمير المؤمنين في فتح مكَّة
لمكَّةٍ في نفوسِ العُربِ منزلةٌ&عليا تطأطي لها الهاماتِ تحنيها
فأنَّ في ريعها "البيتُ العتيقُ" مق&رُّ الغفرِ طالبهُ بالبرِّ يأتيها
وإنَّها مرجعُ العُربانِ تنشدُها&قوافلاً ما نأت عنها مثاويها
كانت مثابةَ إبراهيمَ منزلهُ&معَ ابنهِ نزلا باليمنِ واديها
وعمَّرا في رباها عندَ زمزمَ كع&بةً لتعبدَ فيها النَّاسُ باريها
من ذلكَ العهدِ باتت وهيَ عاصمةٌ&للعربِ طُرَّاً وربُّ العرشِ ثاويها
كانت بسُكَّانها الأمجادِ دارَ عُلىً&ما في الجزيرةِ من مصرٍ يحاكيها
لذا دعاها الورى "أمَّ القرى" ولعم&ري قد أصابَ بهذا الاسم داعيها
إنَّ القِرى كلَّها بل والمدائنَ لا&تأبى على مكَّةَ العُظمى تأمِّيها
وكانَ سكَّانُها أسمى الأعاربِ أق&داراً وأفضلهم مجداً وتوجيها
أولادُ سيِّدنا إسماعيلَ نسبتهم&إليهِ حسبُ المعالي أن نسمِّيها
وهم قريشٌ وما في العُربِ أجمعها&منافسٌ لقريشٍ في تساميها
والعُربُ كانت لها تاللَّهِ طائعةً&ولم يكن آمناً يوماً معاصيها
فكانَ أحمدُ يرجو فتحَ مكَّةَ كي&تصولَ شرعتهُ السَّمحا بأهليها
وكي يُطهِّرَ بالتَّوحيدِ كعبتها&فلا رجاسةُ شركٍ بعدُ تأويها
وعهدهُ معَ قريشٍ كانَ يمنعهُ&عنها وعهدتُها ما كانَ ناسيها
لكن قُريشٌ أبت إلاَّ خيانتهُ&ومزَّقت عهدها السَّامي بأيديها
فلم يعد مانعٌ تاللَّهِ يمنعهُ&عن حربها فجرى في الحالِ يمضيها
وقد مضى مسرعاً في الأمرِ ينفِذهُ&بغزوةٍ هيَّأَ الباري دواعيها
وقد تسَّرعَ لم يُمهل قريشَ ولا&أضاعَ فرصةَ فتحٍ عادَ ملقيها
نادى الأعاربَ فانضمَّت قبائلُها&من كلِّ صوبٍ إلى طهَ مناديها
فسارَ معها إلى "أُمِّ القرى" ولهُ ال&نَّصرُ القريبُ الَّذي يبغيهِ غازيها
وفي الطَّريقِ رأى العبَّاسَ قاصدهُ&بذويهِ وهوَ يطويها
فقالَ أرجع فإنَّ العُربَ طالبةٌ&دخولَ مكَّةَ ما الأخطارُ تُثنيها
فقال: لكن قريشٌُ قد تُضعضعُها&هذي الجيوشُ الَّتي سالت مذاكيها
دعني أسيرُ إليها اليومَ أنصحُها&عسى تطيعُ ولا تبدي تعصِّيها
فما لنا ندحةٌ عنها لنصرةِ دي&نِ اللَّهِ فارفق بها دعني أُداريها
فقالَ: سر مسرعاً واجهد لعلَّكَ بال&تَّسليمِ للَّهِ والإسلامِ ترضيها
وهذهِ بغلتي تطوي الفلاةَ بها&معَ الرِّياحِ ولا تبطي بماطيها
كذا امتطى بغلةَ الهادي وسارَ بها&يطوي القفارَ مجدَّاً في فيافيها
حتَّى إذا ما دنا من مكَّةٍ وبدت&لهُ الجبالُ الَّتي تغشى مبانيها
رأى هناكَ أبا سفيانَ معهُ حكي&مٌ مع بديلٍ عيوناً في مماشيها
قد أرسلتها قريشٌ للتَّجسُّسِ عن&طهَ مخافةَ بالعدوى يُفاجيها
وبينما هيَ تسعى سعيها وجدت&عمَّ الرَّسولِ بإسراعٍ مرافيها
وأقبلت نحوهُ تجلو خبيئتهُ&لعلَّ عن جيشِ الخلقِ ينبيها
فقالَ: ويحكَ يا صخرٌ فقد هلكت&قريشٌ ابنُ أخي آتٍ ليفنيها
وأنتَ أوَّلُ من يقضي بهلتهِ&على المساوي الَّتي قد كنتَ تأتيها
أعد رفيقكَ حالاً ينبئانِ قري&شاً أن تُسلِّمَ والتَّسليمُ ينجيها
وسر على بغلةِ الهادي ورائي كي&تصونَ نفسَكَ من هُلكٍ يلاقيها
أنا أُجيركَ عندَ المصطفى وإجا&رتي وحقِّكَ ما طهَ بآبيها
أصغت عيونُ قريشٍ للنَّصيحةِ وال&عبَّاسُ قد كانَ بالإخلاصِ يسديها
وعادَ إبنُ حزامٍ مع بديلَ إلى&قريشَ كي يبلغاها النُّصحَ تجريها
وأردفَ البرُّ عبَّاسٌ وراهُ أبا&سفيانَ سارَ بهِ في الأرضِ يطويها
حتَّى إذا أشرفا بعدَ المسيرِ على&منازلٍ جيشُ طهَ كانَ ماليها
وكانَ جِنحُ الدُّجى يملا الفضاءَ ونا&رُ المسلمينَ تضي فيهِ لواظيها
مرَّا عليها وما شاما معارضةً&لأنَّ بغلةَ طهَ الكلُّ داريها
لكنَّما عمرٌ ما إن تبيَّن صخ&راً صاحَ إيهاً أبا سفياننا إيها
قد جئتنا حيثُ لا عهدٌ تصونُ بهِ&هذي الحياةَ الّتي بالإثمِ تقضيها
فاعلم بأنَّي هذا اليومَ منتقمٌ&لشرعةِ اللَّهِ من أعدى أعاديها
وسارَ يقصدُ طهَ وسطَ خيمتهِ&وكانَ سابقهُ العبَّاسُ آتيها
طالَ الجدالُ وثمَّ قالَ أحمدُ لل&عبَّاسِ: عوِّه أبا سفيانَ تعويها
إلى صباحِ غدٍ حتَّى نرى فأنا&لا أظلمُ النَّاسَ يا عمَّاهُ تعميها
وفي غدٍ جاءَ عبَّاسٌ بصخرَ إلى&محمَّدٍ وثيابُ الذُّلِّ كاسيها
فقالَ: أحمدُ آمن يا زعيمَ قري&شٍ قالَ: مسألةُ الإيمانِ نرجيها
فقالَ مبتسماً: لابدَّ تؤمنُ يو&ماً إنَّني مرسلٌ للنَّاسِ أهديها
فقال صخرٌ: ألا تولي الأمانَ قريشاً إن&دخلتَ عليها في مآويها
فقالَ أحمدَ: من ألقى السِّلاحَ أمي&نٌ أو بغى الكعبةَ العلياءَ يأويها
ثمَّ أشارَ إلى العبَّاسِ قفْ بأبي&سفيانَ كي يعرِضَ الأجنادَ يُحصيها
فسارَ صخرٌ معَ العبَّاسِ نحوَ مضيقٍ &منهُ طهَ جنودُ اللَّهِ يمشيها
هناكَ قد وقفا والعُربُ سائرةٌ&إلى قريشٍ صفوفاً في تتاليها
حتَّى إذا مرَّ بالأنصارِ قائدُها&سعدٌ ورايتُها الزَّهراءِ معليها
نادى بصخرٍ: بهذا اليومِ كعبتكم&قدِ استحلَّت لنا مع قهرِ حاميها
واليومَ دلَّت قريشٌ بعدَ عزَّتها&على يدينا وقد بتنا مذلِّيها
فهالَ تهديدُ سعدٍ نفسَ صاحبنا&صخرٍ وباتت وهولُ الذُّلِّ غاشيها
حتَّى إذا مرَّ طهَ بينَ كوكبةٍ&خضراءَ من جندهِ بادٍ تسطِّيها
والمرتضى بطلُ الإسلامِ يصحبهُ&في سيرهِ صحبةً تسمو معانيها
ناداهُ صخرٌ: أبيتَ اللَّعنَ أحمدُ هل&تسيرُ نحوَ قريشَ اليومَ ترزيها
أتستحلُّ فدتكَ النَّفسُ كعبتنا&وهل مذلَّتنا أصبحت باغيها
فإنَّ سعداً بذي الويلاتِ هدَّدني&وقالَ لي سائرٌ ذا اليومَ يجرها
فاستغربَ المصطفى تهديدَ صاحبهِ&لقومهِ وهوَ لا يرضى تلاشيها
وقالَ عثمانُ: لا أمنُ بسعدَ على&قريشَ أبعدهُ عنها فهو مؤذيها
كذا ابنُ عُوفٍ لقد ثنَّى مقالةَ عث&مانٍ وكانَ رسولُ اللَّهِ مصغيها
حتَّى إذا انتهيا مالَ الرَّسولُ إلى&أصحابهِ بالَّذي تبغي يمنِّيها
وقالَ: أقوالُ سعدٍ كلُّها كذبٌ&ولستُ أسمحُ أن تجري أُحاشيها
فاليومَ يومٌ بهِ للنَّاسِ مرحمةٌ&فلا وربِّكَ لا تسعى لتشقيها
واليومَ يومُ أعزَّ اللَّهُ فيهِ قري&شاً عزَّةً وبهِ أخزى مذلِّيها
واليومَ عظَّمَ ربُّ العرشِ كعبتهُ وإنَّني &باسمهِ القدُّوسِ كاسيها
ثمَّ انثنى لعليٍّ قال: ليسَ لنا&إلاَّكَ من يدفعُ الأخطارَ يقصيها
أسرع إلى سعدَ خذ في الحالِ رايتهُ&وقد جيوشي وكن للنَّصر مخطيها
مضى أبو الحسن في أمر صاحبه&وما أوامره إلاَّ يمضيها
وسار بالرُّكب طهَ وهي منشدةٌ&حوليه عن طرب أشجى أغانيها
وقال صخرٌ: غداً ملك الأمين عظيم&ماً وهو قاهرُ أعداه ومخزيها
فقال عبَّاسُ: بل هذي النُّبوَّة قد&تعزَّزت وتعالت في مريديها
أسرع إلى مكَّةٍ وانصح جماعتها&بأن تقابل بالتَّرحيب آيتها
فجدَّ جدَّاً أبو سفيان مبتغيها&نصيحة القوم يأبى أن يماريها
وإذا أتى مكَّة نادى بها علناً:&إنَّ الأمين على الأبواب غازيها
وإنَّه معلنٌ فيها الأمان إذا&ما سالمته ولم تظهر تعصيها
وهكذا سلمت أمُّ القرى لنبيِّ الله&سلماً وكان الخوف فاشيها
وهكذا فتحت للمسلمين حصو&ن المشتركين الألى هابوا تداعيها
وما درى أهلها إلاَّ وأحمد في&ربوعها بجموعٍ تاه محصيها
فمن مشاةٍ وقد أنضت مواضيها&ومن كماةٍ وقد هزَّت عواليها
وبينها المصطفى بالنَّصر داخلها&وبالخشوع وبالتَّقوى موافيها
قد امتطى النَّاقة القصواء وهي بها&دي الخلق مطربةٌ تبدي تهاديها
ورأسه طاعةً لله ملتصقٌ&برحلها وهو آيُ الفتح تاليها
ترى الغزاة بفرز الرَّحل ممسكةً&توجد الله أوفى النَّصر مواليها
كانت تكبِّر تكبيراً دوى بفضا&أمِّ القرى داعياً للحقِّ أهليها
وإذ أتى الكعبة الزَّهراء طافَ بها&سبعاً يسابق فيها مستطيفيها
ثمَّ على بابها ألقى خطابته&والنّضاس تعجب إعجاباً بملقيها
فوحَّد الله ربَّ العرش ناصره&على الدِّين أنسيها وجنيها
وقال إنَّ دعاوي القوم باطلةٌ&فلتعدل النَّاس عن ماضي دعاويها
إلاَّ سدانةُ بيت الله كعبته&إنِّي لتاركها عفواً لشيبيها
كذا السِّقاية مبقيها لصاحبها&كيما يلاقي بها الحجَّاج يسقيها
ويا قريش دعي ماضي التَّعاظم بالآ&باءِ خيرُ عباد الله تاقيها
فالنَّاس من آدم طرَّاً وآدمُ من&ترابِ ذي الأرض جلَّ الله ذاريها
وما تظنِّين إنِّي اليوم فاعله&فأحسنت كلَّها فيه تظنيها
فقال: أنتم يا أهل الولا طلقا&ءٌ فاذهبوا وبكم نفسي أهنِّيها
وإذ رأت كرم الهادي قريشٌ فلم&يبطش بها بل غدا لطفاً يؤاسيها
تشهَّدت أسلمت لله راضيةً&بدينِ أحمد غازيها وواليها
وبالحنيفية السَّمحاء قد رضيت&ديناً وطاب لها ضافي تفييها
وفي دجى اللَّيل والأعراب نائمةٌ&بمكَّةٍ في أمانٍ من غواشيها
دعا الرَّسول عليَّاً دعوةً فرحت&لها الملائكُ في أسمى علاليها | |
|