» وصية الرسول صلّى الله عليه وآله
روى الشيخ المفيد رحمه الله في «الأمالي»: أن أميرالمؤمنين سلام الله عليه والعباس بن عبدالمطّلب والفضل بن العباس دخلوا على رسول الله صلّى الله عليه وآله في مرضه الذي قُبض فيه، فقالوا: يا رسول الله هذه الأنصار في المسجد تبكي رجالها ونساؤها عليك, فقال صلى الله عليه واله: وما يبكيهم؟ قالوا: يخافون أن تموت. فقال: أعطوني أيديكم. فخرج في ملحفة وعصابة حتى جلس على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال صلى الله عليه واله: أمّا بعد أيّها الناس، فما تنكرون من موت نبيّكم؟... ألا أني لاحقٌ بربي وقد تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلوا كتاب الله تعالى بين أظهركم تقرءونه صباحاً ومساءً فلا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا إخواناً كما أمركم الله، وقد خلّفت فيكم عترتي أهل بيتي(4).
(ولم تكن المسافة بين بيت النبي صلى الله عليه واله وبين المسجد طويلة، لأن بيته صلى الله عليه واله كان لصيقاً بالمسجد، وكان للبيت باب ينفتح على المسجد قبل أن يأتي الأمر الإلهي بسدِّ كل الأبواب المطلّة على المسجد، إذ سُدّت جميعها بما فيها باب بيت النبي صلّى الله عليه وآله، ولم يَستثنِ الرسول صلى الله عليه واله – كما أمر الله - إلا باب بيت علي وفاطمة صلوات الله وسلامه عليهما. والسبب واضح؛ لأنه لم يكن كلّ الذين في بيت الرسول – إلاّ هو صلّى الله عليه وآله – معصومين. فنساؤه لم يكنّ معصومات ولذلك لم يُستثنَ بيته صلى الله عليه واله من هذا الأمر الإلهي. أما بيت علي وفاطمة سلام الله عليهما فكان ساكنوه معصومين لا يمسّهم دنس ولا يعتريهم حدث، ولذلك استثني, وكان البابَ الوحيد المسموح ببقائه مفتوحاً على المسجد النبوي).