الصحة في سبات يدوم سبع ساعات من الليل
ضمن فعاليات المؤتمر السنوي لمجمع النوم البريطاني، المنعقد في كمبردج أواخر الشهر الماضي، عرض الباحثون من كلية الطب بجامعتي واريكس ويونيفيرستي كولدج اللندنية، نتائج دراستهم لتأثيرات نوعية النوم في صحة القلب. وقال الباحثون في الرابع والعشرين من شهر سبتمبر الماضي إنهم تابعوا لهذه الغاية أكثر من 10 آلاف شخص من الموظفين الحكوميين، ولمدة سبعة عشر عاماً. ووجدوا أن معدلات الوفيات بأمراض القلب ترتفع إلى أكثر من الضعف حين يقل النوم. وبالرغم من أن الباحثين لم يتمكنوا من معرفة السبب وراء ارتفاع الوفيات بأمراض الشرايين القلبية بين منْ لا يأخذون قسطاً كافياً من النوم اليومي، إلا أنهم قالوا إن ثمة علاقة تربط بين قلة النوم وارتفاع ضغط الدم. ومعلوم أن ارتفاع ضغط الدم هو عامل يرفع من خطورة الإصابات بأمراض شرايين القلب وبالسكتة الدماغية.
وتبين للباحثين أن منْ يُقلصون مدة نومهم الليلي من سبع ساعات إلى خمس ساعات أو أقل، إنما يرفعون بمقدار 1.7 ضعف من احتمالات وفاتهم بأي سبب كان. وعلى وجه الخصوص يرفعون من احتمالات وفاتهم بأمراض شرايين القلب بنسبة تفوق الضعفين جراء قلة نومهم.
وقال البروفسور فرانسسكو كابيشيو، المتخصص في الطب الباطني وطب القلب، في عبارة مختصرة جداً، إن الدراسة تسلط الضوء على خطر الانشغالات في سلوكيات نمط الحياة المعاصرة. وأضاف أن ثلث سكان بريطانيا وأكثر من 40% من سكان الولايات المتحدة مُعتادون وبانتظام على النوم الليلي لمدة تقل عن خمس ساعات. وهو ما يعني على حد قوله أن المشكلة ليست عابرة أو هينة.
واستطرد القول إن الضغوطات الحالية المتواصلة في المجتمعات تدفع المرء نحو تقليل عدد ساعات النوم، وهو أمر ليس بجيد، خاصة إذا ما وصل الأمر للنوم مدة تقل عن خمس ساعات.
وكانت الدراسات السابقة قد ربطت بين العمل الليلي بنظام المناوبات وتسببه بمخاطر صحية محتملة. لكن المفاجئ في نتائج هذه الدراسة التي تكفلت الحكومتان البريطانية والأميركية بدعم إجرائها مادياً، أنها الأولى في الربط المباشر بين قلة النوم وارتفاع الوفيات، خاصة القلبية منها.
وكان الباحثون قد شملوا في بداية دراستهم شريحة العشرة آلاف موظف، ممن تتراوح أعمارهم ما بين 35 و55 سنة، وتم تقييم حالاتهم الصحية ومتابعة حال نومهم خلال مرحلتين. الأولى بين اعوام 1985 و1988، والثانية فيما بين عامي 1992 و1993. ثم كانت نقطة نهاية الدراسة في عام 2004، وآنذاك تم النظر في نسبة الوفيات خلال تلك المدة الطويلة من حين بدء الدراسة، وأسباب الوفيات إن حصلت.
وبعد الأخذ إحصائياً بالاعتبار مدى وجود عوامل خطورة الإصابة بالأمراض القلبية، أي مقدار العمر والجنس ووزن الجسم ومقدار ضغط الدم ونسبة الكولسترول وممارسة التدخين وتناول الكحول. وبالرغم من أن كلا من النوم لأقل من خمس ساعات أو النوم لأكثر من تسع ساعات، يرفع من احتمالات الوفيات، إلا أن ارتفاع احتمالات الوفيات نتيجة أمراض القلب بالذات كانت لدى قلة النوم وليس لدى زيادة النوم.
وأكد الدكتور كابيشيو أن النصيحة في مجال الوقاية، وفق نتائج هذه الدراسة حول النوم، هي أن النوم لمدة سبع ساعات في الليل هو الملائم للحفاظ على الصحة.
وبالإضافة إلى ارتفاع ضغط الدم نتيجة قلة النوم، كنت قد عرضت في ملحق الصحة بـ "الشرق الأوسط" تأثيرات قلة النوم في الذاكرة في يوليو 2005 ويوليو 2006. ومن ضمن ذاك العرض، كان الحديث عن علاقة مرض السكري وزيادة الوزن بالنوم، حيث توصل الباحثون من جامعة نورث وست بالولايات المتحدة إلى أن الساعة البيولوجية في الدماغ المتحكمة بالنوم مرتبطة بتناول الطعام بما قد يترجم إلى استراتيجية جديدة في إنقاص الوزن، ودراسة مماثلة للباحثين من بريطانيا طرحت أن عدد ساعات النوم يؤثر في هرمونات تناول الطعام. وكما هو معلوم هناك هورمون"لبتن" الذي يكبح الرغبة في تناول الطعام، وهرمون "غرلن" الذي يرفع الإحساس بالجوع. وتبين أن الأشخاص الذين ينامون خمس ساعات يحسون بالجوع أكثر نظراً لأن لديهم معدلات أعلى من هرمون "غرلن" وأقل من هرمون "لبتن" بالمقارنة مع من ينامون ثماني ساعات، ما يعني أن أخذ قسط كاف من النوم من الأمور المهمة في مكافحة السمنة.