السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
كان للنبي سليمان عليه السلام القدره التي سخرها الله له في التحدث والحكم بين جميع المخلوقات
وكان من ذلك الطير
فقد عاتب الطير في بعض الامور
فقالت الطير والله نحرص علي الهدى لكن قضاء الله وقدره
قال صدقتي لاحيله في القضاء
فقالت العنقاء لست أومن بهذا
فقال سليمان : ألا أخبرك باعجب العجب ولد الليله غلام بالمغرب ولد ملك وجاريه بالمشرق ابنة ملك .الولد والجاريه يجتمعان في أمنع المواضع بقدرة الله تعالي
فقالت العنقاء :فهل أخبرت بهما ومااسمهما
قال بلى اسمهما كذا وكذا
فقالت :يانبي الله انا ابطل القدر وأفرق بينهما
فقال لها سليمان انك لاتقدرين علي ذلك
قالت: بلى
فاشهد عليها الطير وكفلتها البومه
فذهبت العنقاء وكانت في كبر الجمل عظما ووجهها وجه انسان ويداها يدا انسان وثدياها ثديا امراه واصابعها كذلك
حتى ابصرت الجاريه وهى بالمهد فاختلستها وطارت بها حتى انتهت الي جبل شاهق في جوف البحر وسط جزيره فاتخذت وكرا عجيبا واسعا مضيئا .ووضعت الجاريه بها فارضعتها وحضنت الجاريه وصارت تاتي بانواع الطعام والشراب
فعلم سليمان بذلك ولم يبده
فبلغ الغلام مبلغ الرجال وكان يحب الصيد ونال منه منال طويلا
فقال يوما لاصحابه
كل صيد البر قد نلت منه.فلو ركبنا البحر فانال من صيده فانه كثير العجايب .فقالو له المشيرون نعم
فجهز السفن وابحر بها مع حاشيته ووزراءه
فارسل الله سبحانه رياح خفيفه وذهبت بالسفينه بالليل حتى قربت من الجزيره
واصبح الغلام فرأى الجزيره ووسطها جبل شاهق الارتفاع واذا هوه بشجره خضراء في راس الجبل ملتفه كثيره الاغصان
ثم نزل من السفينه وداروا في الجزيره فلم يروا فيها اثر عماره ثم صعد صعد الجبل وراى اصل الشجره.
وكانت الجاريه قد نظرت الي السفينه ولم تعرفها فبقيت متعجبه وليس عندها احد تساله عن ذلك .وبينما هي تفكر سمعت حديث الادميين .فاخرجت راسها ونظرت في اصل الشجره فاذا الغلام ورفقته فتعجبت منهم لما رات من حسنهم وجمالهم
وكان الغلام ينظر متعجبا من عظم تلك الشجره ورفع بصره للينظر الي اغصانها وكانت الجاريه قد اخرجت راسها فحانت منها التفاته فوقعت عينها في عين الغلام فراى صورتها وراى عجبا من عظم جمالها وكثره شعرها .فصيح اجنيه انت ام انسيه
فقالت:لا والله من خيار الانس فمن انت فافهمها لغته فقالت :لا ادري ماتقول وما انت الا اني ارى وجهك كوجهي وكلامك ككلامي ولا اعرف شيئا غير العنقاء. وهي امي التي ربتني وحضنتني
فقال: واين العنقاء
فقالت: تذهب الي الملك سليمان فتسلم عليه وتقيم عنده الي الليل ثم تجئنى بكل مايحكم سليمان وانه لملك عظيم
فارتعد الغلام ثم قال عرفته هو الذي قتل ابي وسبي دولته واني لمن طلقائه وممن يؤدى اليه الخراج وقد سخر الله له الطير والرياح فبكى الغلام
فقالت :مايبكيك
قال :وحدتك في مثل هذا الموضع لا انس فيه ولا احد ومثلك في الدنيا عدد الشجر في عيش هنى ورغد واللذه الحسنه مع الازواج يتعانقون ويتمتعون ويتوالدون الاولاد مثل خلقي وخلقك
ارايت ان هاجت الريح فازعجتك من وكرك من يمنعك ان تسقطي في البحر وان سقطتي فمن ذا الذي يخرجك
ففزعت الجاريه
فقالت: وكيف يكون معي انسى مثلك يحدثني ويحفظني
فقال:تكثرين من بكاك وجزعك ووحشتك عند العقناء لئلتك هذه وتخبرني مايكون من ردها
فأتت العنقاء :ووجدتها تبكى من الوحده والوحشه
فقالت العنقاء :يابنيه لاتخافي ولاتحزني فأني أستامر سليمان ان اتيه يوما ويوم لاأتيه فيكون ذلك انسا .فلما اصبحت اخبرت الغلام
فقال : اتصبرين علي ذلك.لا ولكنى سأنحر من دوابي هذه فرسا وابقر بطنه واطيبه وادخل انا في جوفه والقيه علي راس سفينتي فاذا جاءتك العنقاء تقولين لها ارى خلقه ملقاه علي كوثل السفينه فلو اختطفتيها وحملتيها الي فكانت معى في وكرى فانظر اليها وانس بها كان احب الي من كونك عندي نهارا وامسكك عن اخبار سليمان
فلما رجعت العنقاء وجدتها علي حالتها
فقالت الجاريه: اني لا اريد ان تتخلفى عن سليمان نهارا لمكان اخبار سليمان وأخبار المسلمين.واني اري عجبا شيئا مرتفع فما هو. قالت هذه سفينه قوم سياره راكبين السفينه
قالت: فما الذي اراه ملقى على راس هذه السفينه
قالت العنقاء:دابه ميته ألقوها
قالت :فاحتمليها الي لاستأنس بها
فانقضت العنقاء وختطفت الفرس وكان الغلام في بطنها فحملتها الي الفتاه
ففرحت الجاريه فرحا شديد
فقالت العنقاء: يابنيه لو علمت لكنت اتيتك بمثل هذا منذ حين
فطارت الي نوبتها عند سليمان
فخرج الغلام من بطن الفرس
فلاعبها ولامسها وفتضها واحبلها من ساعتها
وفرح كل واحد منهما بصاحبه
وكان سليمان عليه السلام قد جاءه الخبر باجتمعمها من قبل الريح
وكان مجلس سليمان يومئذ مجلس الطير
فخرج سهم العنقاء
فتقدمت اليه
فقال سليمان:
ماقولك في القدر
فقالت:يانبي الله لي من القوه والاستطاعه ماادفع الشر وافعل الخير
فقال سليمان:
فاين الشرط الذي بيني وبينك زعمت انك تفرقين بقوتك واستطاعتك بين الجاريه والغلام
قالت :قد فعلت
قال سليمان:
الله اكبر فاتني بها الساعه والخلق شهود لأعلم صدق قولك .فامر عريف الطير ان يكون معها لايفارقها حتى تأتي بها.
فمزت العنقاء حتى قربت من الجاريه وكانت الجاريه اذا قربت العنقاء تسمع خفيف اجنحتها .فيبادر الغلام ويدخل جوف الفرس
فوصلت العنقاء. وقالت: هذا سليمان قد امر باحضارك الساعه لامر بيني وبينه في امرك واني لأرجو نصرتي
فقالت الجاريه :كيف تحمليني
قالت :علي ظهري
فقالت الجاريه: هل استقر علي ظهرك وارى اهوال البحر
قالت العنقاء: وكيف اصنع لابد من احضارك عند سليمان وهذا عريف الطير معي وقد دعا بكفيلتي البومه
فقالت ادخل في جوف الفرس ثم ترفعينه علي ظهرك او في منقارك فلا أرى شيئا ولا أسقط ولا أفزع من شي
فدخلت جوف الفرس واجتمعت مع الغلام .وحملت العنقاء الفرس حتى وضعته بين يدي سليمان
فقالت العنقاء:
يانبي الله هي الان في جوف الفرس فاين الغلام.
فتبسم سليمان طويلا ثم قال لها أتومنين بقضاء الله وقدره وانه لا حيله لأحد في قضائه وقدره وعلمه السابق الكائن من خير وشر
فقالت : اومن بالله وأقول ان المشيئه الي العباد والقوه فمن شاء فليفعل خيرا او شرا
قال سليمان:
كذبت ماجعل الله من المشيئه الي للعباد شيئا .ولكن من شاء ان يكون سعيدا كان سعيدا ومن شاء ان يكون كافر كان كافرا ولا يقدر احد ان يدفع عن قضاء الله وقدره بحيلة لابفعل ولا بعلم وان الغلام الذي قد ولد بالمغرب مع الجاريه التي ولدت بالمشرق قد اجتمع الآن في مكان واحد علي سفاح .وقد حملت الجاريه من الغلام بولد
فقالت العنقاء :لاتقل هذا يانبي الله فان الجاريه معي في جوف الفرس
فقال سليمان:
الله اكبر أين البومه المتكفله بالعنقاء ؟
قالت البومه ها أنا يانبي الله
قال سليمان:
انت علي مثل قول العنقاء
قالت البومه:نعم
فقال سليمان :
قدر الله السابق قبل الخلق اخرجهما علي قضائه ومشيئته
فأمر البومه ففتحت جوف الفرس وأخرجتهما جميعا من جوف الفرس
فأما العنقاء ففزعت وذهبت وطارت في السماء فاخذت نحو المغرب واختفت في بحر من بحاره وآمنة بالقدر وحلفت لاتنظر في وجه طيرا أبدا استحياء منه
وأما البومه فانها لزمة الآجام والجبال وقالت أما النهار فلاخروج لي ولا سبيل الي المعاش فهى اذا خرجت نهارا وبختها الطير واجتمعت عليها وقالت لها ياقدريه فهي تخضع لهذا
وهذا ماكان من شأن العنقاء والبومه في القضاء والقدر
والله اعلم
التوقيع