حوار مع الشيطان الشيخ عائض القرني حاورت
الشيطان الرجيم في الليل البهيم فلما سمعت أذان الفجر أردت للذهاب إلى
المسجد فقال لي :عليك ليل طويل فارقد . قلت: أخاف أن تفوتني الفريضة قال
:الأوقات طويلة عريضة قلت: أخشى ذهاب صلاة الجماعة قال: لا تشدد على نفسك
في الطاعة فما قمت حتى طلعت الشمس ... فقال لي في همس : لا تأسف على ما
فات فاليوم كله أوقات وجلست لآتي بالأذكار ففتح لي دفتر الأفكار فقلت:
أشغلتني عن الدعاء قال: دعه إلى المساء وعزمت على المتاب ، فقال: تمتع
بالشباب ! قلت: أخشى الموت قال: عمرك لا يفوت ... وجئت لأحفظ المثاني
قال: روّح نفسك بالأغاني قلت: هي حرام قال: لبعض العلماء كلام! قلت: أحاديث
التحريم عندي في صحيفة قال: كلها ضعيفة ومرت حسناء فغضضت البصر قال:
ماذا في النظر؟ قلت: فيه خطر قال: تفكر في الجمال فالتفكر حلال وذهبت إلى
البيت العتيق فوقف لي في الطريق .. فقال: ما سبب هذه السفرة ؟ قلت: لآخذ
عمرة فقال: ركبت الأخطار بسبب هذا الاعتمار وأبواب الخير كثيرة والحسنات
غزيرة قلت: لابد من إصلاح الأحوال قال: الجنة لاتدخل بالأعمال فلما ذهبت
لألقي نصيحة .. قال: لا تجر إلى نفسك فضيحة قلت: هذا نفع العباد فقال: أخشى
عليك من الشهرة وهي رأس الفساد قلت : فما رأيك في بعض الأشخاص؟ قال :
أجيبك على العام والخاص قلت : أحمد بن حنبل؟ قال : قتلني بقوله عليكم
بالسنة والقرآن المنزّل قلت : فابن تيمية؟ قال : ضرباته على رأسي باليومية
قلت : فالبخاري؟ قال : أحرق بكتابه داري قلت : فالحجاج ؟ قال : ليت في
الناس ألف حجاج فلنا بسيرته ابتهاج ونهجه لنا علاج قلت : فرعون ؟ قال : له
منا كل نصر وعون قلت : فصلاح الدين بطل حطين؟ قال : دعه فقد مرغنا بالطين
قلت : محمد بن عبدالوهاب؟ قال : أشعل في صدري بدعوته الالتهاب وأحرقني
بكل شهاب قلت : أبوجهل؟ قال : نحن له أخوة وأهل قلت : فأبو لهب ؟ قال :
نحن معه أينما ذهب ! قلت : فلينين؟ قال : ربطناه في النار مع استالين قلت
: فالمجلات الخليعة ؟ قال : هي لنا شريعة قلت : فالدشوش ؟ قال : نجعل
الناس بها كالوحوش قلت : فالمقاهي ؟ قال : نرحب فيها بكل لاهي قلت : ما
هو ذكركم؟ قال : الأغاني قلت : وعملكم؟ قال : الأماني قلت : وما رأيكم
بالأسواق ؟ قال : علمنا بها خفاق وفيها يجتمع الرفاق قلت : فحزب البحث
الاشتراكي ؟ قال : قاسمته أملاكي وعلمته أورادي وأنساكي قلت : كيف تضلّ
الناس ؟ قال : بالشهوات والشبهات والملهيات والأمنيات والأغنيات قلت : كيف
تضلّ النساء ؟ قال : بالتبرج والسفور وترك المأمور وارتكاب المحظور قلت :
فكيف تضلّ العلماء؟ قال : بحب الظهور والعجب والغرور وحسد يملأ الصدور
قلت : كيف تضلّ العامة ؟ قال : بالغيبة والنميمة والأحاديث السقيمة وما ليس
له قيمة قلت : فكيف تضلّ التجار ؟ قال : بالربا في المعاملات ومنع
الصدقات والإسراف في النفقات قلت : فكيف تضلّ الشباب ؟ قال : بالغزل
والهيام والعشق والغرام والاستخفاف بالأحكام وفعل الحرام قلت : فما رأيك
بدولة اليهود (اسرائيل) ؟ قال : إياك والغيبة فإنها مصيبة واسرائيل دولة
حبيبة ومن القلب قريبة قلت : فأبو نواس؟ قال : على العين والرأس لنا من
شعره اقتباس قلت : فأهل الحداثة؟ قال : أخذوا علمهم منا بالوراثة قلت :
فالعلمانية؟ قال : إيماننا علماني وهم أهل الدجل والأماني ومن سماهم فقد
سماني قلت : فما تقول في واشنطن؟ قال : خطيبي فيها يرطن وجيشي فيها يقطن
وهي لي وطن قلت : فما رأيك في الدعاة ؟ قال : عذبوني وأتعبوني وبهذلوني
وشيبوني يهدمون ما بنيت ويقرءون إذا غنيت ويستعيذون إذا أتيت قلت : فما
تقول في الصحف ؟ قال : نضيع بها أوقات الخلف ونذهب بها أعمار أهل الترف
ونأخذ بها الأموال مع الأسف قلت : فما تقول في هيئة الإذاعة البريطانية ؟
قال : ندخل فيها السم في الدسم ونقاتل بها بين العرب والعجم ونثني بها على
المظلوم ومن ظلم قلت : فما فعلت في الغراب ؟ قال : سلطته على أخيه فقتله
ودفنه في التراب حتى غاب قلت : فما فعلت بقارون ؟ قال : قلت له احفظ
الكنوز يا ابن العجوز لتفوز فأنت أحد الرموز قلت : فماذا قلت لفرعون ؟ قال
: قلت له يا عظيم القصر قل أليس لي ملك مصر فسوف يأتيك النصر قلت : فماذا
قلت لشارب الخمر ؟ قال : قلت له اشرب بنت الكروم فإنها تذهب الهموم وتزيل
الغموم وباب التوبة معلوم قلت : فماذا يقتلك ؟ قال : آية الكرسي منها تضيق
نفسي ويطول حبسي وفي كل بلاء أمسي قلت : فما أحب الناس اليك ؟ قال :
المغنون والشعراء الغاوون وأهل المعاصي والمجون وكل خبيث مفتون قلت : فما
أبغض الناس اليك ؟ قال : أهل المساجد وكل راكع وساجد وزاهد عابد وكل مجاهد
قلت :