اخذت تحملق فى وجهه
وترمقه بنظرات ثاقبة وهما على الفراش وهو غارق فى النوم ، ثم سرحت بخيالها
وغرقت فى بحر من الذكريات ، ذكرياتها معه .
كانت شهيرة مثل اى امرأة تريد ان تحيا حياة هانئة مستقرة مع شريك حياتها ولاسيما انها توسمت فيه حسن الخصال و المعاملة والرجولة.
وبالفعل قد عملت على ذلك منذ اول يوم لزواجهما ولكنه لم يمد لها يد العون
لتنفيذ ما تسعى اليه، لم يكن الا صدمة كبيرة فى حياتها لم تكن تتوقع حدوثها
.
كان مثالا للزوج السىء بكل معانى هذه الكلمة ، ولم يكن ما توسمته فيه الا
انبهارا بقناع زائف ارتداه امامها فى بداية علاقتهما الى ان تمكن منها
واصبحت زوجته .
ظلت شهيرة تنظر الى زوجها النائم و تشعر انها تحمل له فى قلبها كراهية لا حد لها وتقول فى نفسها :-
حقا ان نوم الظالم عبادة ، نام يا عمرو وانعم بنومك ، سيأتى يوم عليك لن تستطيع فيه عينك ان تغفل ، فربى يمهل ولايهمل .
وشعرت وان الدموع قد هاجمتها وتريد ان تنفجر فى البكاء ، فقامت مسرعة الى حجرة اخرى
وهناك نزلت سيول الدمع من عينيها و اخذت تعاتب زوجها و الايام ونفسها قائلة :
ها انا لم اعد نفسى امام نفسى و ما السبب؟ و على من الذنب ؟
فليس ذنبى ، فهل هو ذنب الايام ؟هل هو ذنب الزمان ؟
ام انه ذنبه ؟ نعم انه ذنبه
ولا ادرى لماذا حدث كل ما حدث ؟
ملكته حبى ووجدانى ، عشقته اكثر من العشق كله
سلمته كيانى ، وهبته حياتى منذ اول يوم لى معه
فهل هذا ما كنت استحقه منه ؟
اصبح هكذا جسدا بلا روح
اصبح حطام امرأة اصبح بلا معنى
كم اشعر بالخجل من نفسى
فمن المؤكد اننى ايضا مدانة
وسأهين نفسى فى كل يوم سيمضى لى معه اكثر من هذا
لابد ان اثور لكرامتى ، اريد ان اشعر بنفسى
لا يوجد ما يدعونى لتحمل مثل هذه الحياة مع هذا الظالم
لابد من الطلاق ، لابد من الطلاق
مر الليل سريعا عليها واصبح الصباح واستيقظ زوجها فلم يجدها بجواره فقام
ليبحث عنها فوجدها مستلقاة على الاريكة فى حجرة المعيشة ، فنظر اليها
باستهزاء وقال : ظننتك هربتى من البيت ، واخذ يضحك بصوت عال هاء هاء هاء .
- هيا قومى لتعدى لى الفطور .
ردت عليه قائلة : هل تريد ان تعرف لماذا انا هنا الان ؟
فرد باسلوب مستفز : انت هنا او هناك فأنت انت ، هيا اسرعى انا جوعان .
فنظرت اليه متفحصة اياه قائلة : اريد ان اقول لك قرارى الذى قررته ، طلقنى
ضحك قائلا : هل تريدين ان تخلصينى منك ، ياله من معروف كبير فى حقى
وصرخ فيها قائلا : هيا يا مجنونة من امامى بدلا من ان اكسر رأسك ، وانت تعلمى قوة يدى جيدا ام نسيتى ؟
فصاحت فيه : لن اتنازل عن حقى كامرأة ، انا اريد الطلاق وستطلقنى
دفعها دفعة قوية اوقعتها مغشيا عليها ، وحاول ان يوقظها ولكنه لم ينجح
فاضطر لاستدعاء الطبيب الذى فاجأهما انها حامل فى شهرها الثالث.
لم يغير الخبر شيئا بالنسبة لقرار شهيرة التى ذهبت الى بيت اهلها ،ورغم
محاولات الكثيرين للاصلاح بينهما ، الا انه لم تنفع اى محاولة لاقناع شهيرة
بالعدول عن قرارها و ظلت تقول انا امرأة ولى كرامتى ولن اتنازل عنها ابدا.
ومن الناحية الاخرى ظل عمرو على حاله لم يتغير و لم تتحسن اخلاقه و لكنه قرر انه اذا حدث الطلاق فسوف يأخذ وليدهما و يحرمها منه .
لم تبالى شهيرة وقتها بهذا القرار ووافقت عليه .
وجاءها المخاض وولدت علياء طفلة جميلة ، ما ان رأتها الا وتدفقت فى
شرايينها مشاعر جديدة عليها و شعرت بأشياء لم تكن تتخيل انها ممكن ان تشعر
بها ، شعرت بمشاعر الامومة .
جاء عمرو ليأخذ المولودة منها فصرخت و انهارت ولم تستطع ان تعطيه اياها ،
فاشترط عليها ان تعود للحياة معه بكل شروطه ولا تتذمر ثانية مهما يفعل ان
كانت تريد ان تعيش مع ابنتها .
وافقت شهيرة على الرجوع من اجل علياء وليدتها حتى لا تحيا حياة مشتتة بين
اب وام منفصلين ، وقررت ان تضحى بنفسها من اجل طفلتها ، وقالت فى نفسها :
انا الان ام قبل ان اكون امرأة .