"انها نوبه قلبيه حاده....يا الهى...!!"
صرخت بها فجأه الممرضه الجالسه بالقرب من ذلك الجسد الراقد على ذلك الفراش الصغير....
ولم تنتبه لصوتها وقلقها الواضح...,فتعلقت بها عيون الواقفون خلف زجاج غرفه العنايه المركزه...
وبدا ان الجميع على وشك الانفجار من القلق...
ولكنها لم تنتبه لذلك على الاطلاق ...فعيناها
كانتا معلقتين بجهازى رسم القلب.,وجهاز قياس الاشارات الكهربيه الصادرة عن المخ...
واللذان كانا يعطيان اشارات اعلى من المعدل المسموح...
فخرجت مسرعه وهى تهتف..فليستدع احدكم د.اكرم..................
وفى تلك اللحظات...كان جسد سهر يرقد ساكنا..بلا حراك...
رغم اعماقها الهائجه ...والى اقصى حد...
فقد كان شريط حياتها يمر امام عينيها فى تلك اللحظات.....
مجرد لحظات حملت فيها روحها عناء حمل ذلك الشريط الطويل...
الذى يبلغ التاسعه والعشرين عاما...
منذ ان كانت طفله صغيره..منذ التحقت بمدرستها...
لتجد نفسها بلا اصحاب او اصدقاء... على الاطلاق...
كانت دائما وحيده...والجميع يتجنبها...كل ذلك بسبب ملامحها....
التى لم تحمل من رقه اسمها شىء على الاطلاق....فلم تكن جميله الشكل بأى حال....
وعلى
الرغم من ذلك..لم تكن سهر من ذلك النوع الحاقد او الانانى...فعلى الرغم من
شكلها..الا ان قلبها..كان يحمل من الحب..والمشاعر الحنونه..الطيبه ما يكفى
الجميع...بلا استثناء...
وبالرغم من كل ما فعله الجميع معها..والاهانات التى واجهتها...بدون اى ذنب لها...سوى انها ليست جميله..!!!
الا انها لم تحمل ,بل لم تستطع ان تحمل اى كراهيه لاى انسان.....
فقد كانت من ذلك النوع الذى يمتلىء قلبه بالحب...ليفيض على الجميع...لذلك لا يوجد
هناك مكانا بقلبها لكره او حقد...
...............
تذكرت
كيف استطاعت الهروب من كل ذلك الى عالم الطفوله البريئه.. الذى لا تحكمه
المظاهر...ذلك العالم الذى يستمد طاقته الحيويه من الحب الذى بداخل
القلوب...
وكانت هى منبع لا يجف من الحب والعطاء..
لذلك
فقدت وجدت روحها تسمو لذلك العالم...وصممت انها ستلتحق بكليه رياض
الاطفال..ومرت الايام..وتخرجت والتحقت ايضا بالعمل....وكم كانت محبوبه...
كم وجدت نفسها مع هؤلاء الاطفال...
ثم تذكرت عمر...
الطفل البرىء الرائع..الذى طالما احبته..واحبها...
عمر
طفل الخمسه اعوام...,كان يقف على الناحيه الاخرى من الطريق...وهو يلوح لها
بسعاده بالغه حينما راها...وممسك بيده الصغيره تلك الورده الجميله...التى
اراد ان يهديها اليها بمناسبه عيد ميلادها....
وبدأ يشرع فى عبور الطريق...ولكنها هتفت به ان يتوقف...والا يعبر الطريق الان...
ولكنه
لم يسمعها...وبدأ يجرى اليها.... وتلك السياره تقترب فى سرعه...ودون تفكير
وجدت نفسها تجرى بكل طاقتها لتدفع عمر عن الطريق فى اخر لحظه...و.......
وتصتدم هى..و................
.........................
"هل اعطيتها حقنه مهدئه..؟؟؟"
كان ذلك سؤال الطبيب وهو يدخل مسرعا..وهو يملأ محقنا ببعض السوائل ويحقنها بها.....
ولكن فجأه توقف كل شى....
وأعلن
جهاز رسم القلب ان مهمته قد انتهت...برسم ذلك الخط المستقيم...الذى اوضح
أعتراض القلب على كل ذلك المجهود المضنى.. بأخذ فتره تعويضيه ..ولكنها
هاهنا....كانت طويله...للغايه...
ليدخل فى سكون تام....
والى الابد....
الى ان يشاء الله عز وجل....
وبعد محاولات دامت اكثر من عشر دقائق...بالصدمات الكهربائيه..والتنفس الصناعى...,ووو.....
خرج الطبيب مطأطأ الرأس.....
فهب الجميع غير مصدقين....وهرع عمر واحمد ومنى ومريم.........
وكل طفل عرفها يوما ما...والتفوا حول سريرها...يبكون ...
نعم بكى الجميع من اجلها...من ذلك القلب الكبير...الذى لم يحمل غير الحب....
والحب فقط......