استعدت فاتن لكي تنهض للمدرسه .. مشطت شعرها الحريري وهي تسرع بالخطى.. لفت الحجاب بطريقتها القوية .. وغادرت غرفتها..
نزلت للأسفل ورأت معركه اليوم مع اختها مناير واخاها الاصغر عبد العزيز..
فاتن تسلم على الكل: صباح الخير..
عبد العزيز: كاهي ياتج ام الخير .. فتون قولي للحمارة ان التوست الاسود لي
مناير: لا تقولك ولا شي اصلا التوست أنا اللي مسوته يعني أنا اللي اقرر منو اللي ياكله فاهم؟
عبد ا لعزيز: لا والله.. انتي وايد شايفه روحج
فاتن: بس حبيبي عزوز أنا اسوي لك اللي تبيه
عبد العزيز بعصبيه: يعني لازم كل يوم تراضيني .. ليش اهي ما تعطيني اياه من نفسها.. لكن أنا اليوم ما برضى باللي تسوينه لي
مناير: والله يا استاذ انت اللي ما تتعب.. أنا جم مرة قلت لك ان التوست الاسمر لي .. لكن انت غبي بدرجه انك ما تفهم
ام جراح: اوووووووووف منور والله بتيبين لي الضغط عطيه التوست ابسرعه وأنا بسوي لج واحد يديد.
مناير بعناد الاطفال: ماني... ماني .. ماني
عبد العزيز : منوووووور هاتيه احسن لج ..
مناير وقفت وهي تشهر التوست بيدها: ماكو .. ماكو .. ماكو ..موت ولا بتحصله
عبد العزيز: اموت؟.. اوريج ..
اخذ عبد العزيز كأس الشاي وسكبه على زي مناير المدرسي واطلق منها صرخه دوت بالمنزل
مناير بغضب: يالحيوان .. شوف شسويت .. يا سبال يا حمار
فاتن وهي تمسك عبد العزيز: عشان ما تتحدين الرياييل مرة ثانيه يالهيلق
فاتن بعصبيه ولاول مرة تصرخ عاليا: بس... والله مصختوها انتوا الاثنين.. كل يوم هالهواش والمناجر .. يوبا تبون تتاجرون نطروا ليما تطلعون بره البيت انت (تكلم عبدالعزيز) شهالحركات البايخه ..وشنو سالفه الريايل وما ادري شنو .. الريال مو اللي يسوي هالحركات .. انت بالشاي اللي سبحتها فيه بينت انك اكبر ياهل بالديرة .. وانتي (تنظر إلى مناير والشرر يقدح من عينيها) ماكو توست من يوم ورايح انزين .. بس تسوي امي لجراح وابوي ويمكن أنا .. والله انكم كرهتوني فيه .. ذلفي لبسي لج المريول الثاني ..
مناير لم تتكلم وغادرت إلى غرفتها لكي تستبدل الزي المدرسي... عبد العزيز لم يكن يقدر على التكلم .. لانه ان نبس ببنت شفه سيصيبه ما لا تحمد عقباه من فاتن. جلس يكمل افطاره لكنها لم تدعه
فاتن: شنو .. الحين بتكمل ريوق.. قوم قوم بسرعه.
عبدا لعزيز بدهشه: يعني اروح المدرسه بريجي
فاتن: انتظر للفسحه.. يوم اللي تتادب وتحترم النعمه اللي جدامك انت واختك بعدين يصير خير.. لكن اللحين .. برع المدرسه بسرعه
عبدالعزيز ينظر إلى امه اللي تنظر بكل فخر إلى ابنتها: يمه
ام جراح بعصبيه: وحطبه.. هاك فلوس المدرسة .. وجب ولا كلمه بعد فاهم؟
عبد العزيز لم يجب بل اكتفى باحناء رأسه: ان شالله ..
وصل صديق عبد العزيز فهد وغادر معه إلى المدرسة.. نزل جراح وفاتن تهم بالمغادرة .
جراح: ها فتون .. الا خدودج محمرات من الصبح شصاير؟
فاتن لم تجبه لانها لم تنسى الاسلوب الذي عاملها به ليلة البارحة وكلمت امها بالنيابة: يمه أنا بروح اللحين زين ..
ام جراح: بالسلامه يا بنيتي ذكري الله بالدرب .
فاتن: ان شالله... مع السلامة .. وغادرت..
جراح استغرب من تجاهل اخته له .. ولكنها تبدو غاضبه .. وما اكد ظنه هي مناير التي نزلت وهي تبكي..
مناير: يمه طالعي هالمريول واسع علي وما ينفع للمدرسه
ام جراح: اللحين نازله تتكلمين.. ما حشمتي احد وخليتي اختج تعصب مسكينه وتطلع بيوعها حتى فلوس مااخذت.. انقلعي عن ويهي يا السوسه..
مناير وهي تغادر المطبخ: خلاص أنا بعد ما باخذ فلوس عشان الغاليه فاتن ..
جلست مناير بالصاله تنتظر إلى ان ينهي اخاها فطوره ويوصلها للمدرسة ..
فاتن طوال الدرب كان تتعوذ بالله من الشيطان .. لم يحصل ان غضبت وعنفت اخوتها بهذه الطريقة.. ولكن اليوم اعصابها كانت مشدوده على غير العاده .. وقفت بالشارع وهي تغلق عينيها تمسح على وجهها الملائكي وهي تسبح باسم المولى.. هدأت قليلا وعاودت المسير.. وفجأة انصدم بصرها بالرجل الواقف امامها .. ارتعبت جدا وانتفض بدنها عندما راته ..
مشعل: مسامحه ما كنت اقصد.
فاتن لم تجبه بل اعتلت خدودها حمرة لم تسبق أن أحست بحرارتها : ... لا .. معليه ..
وسارت فاتن مبتعدة عنه.. وهي تحس بدقاتها كالطبول بين أضلاعها.. انه هو .. مشعل.. ارادت ان تراه .. ولكنها لم تحلم بهذه الطريقة .. وجها لوجه.. ارحمني ياربي.. لو رآني أحد ما .. لسادت الاقاويل عني .. اسرعت بخطاها ولم تلتفت إلى ما ورائها على الرغم من رغبتها العارمة..
مشعل ظل واقفا ينظر إلى ذلك الشخص النبيل .. تلك الفتاة الجميلة.. لا .. ليست جميلة .. بل هي غاوية .. وبكل معنى الكلمة .. جمالها غاني .. لا يحتاج إلى إضافات المساحيق الكاذبة .. واجمل ما فيها هي عينيها الزجاجيتين .. رباه .. هل هي هذه الفتاة الصغيرة نفسها ؟.. أم إنها ملاك من ملائكتك ؟؟ ظل ينظر إليها يأمل ان تستدير ويراها مرة أخرى لكن هيهات.... بقيت تسير بصلابة وقوة شخصية كما لم يرى فتاة تسير بها ... وعاود المسير إلى منزله ... ولكن قلبه قد غادر معها ..
فاتن لم تكن تحس باطرافها عندما وصلت إلى المحطه وحيتها سمية..
سمية باستغراب: علامج فتوون؟
فاتن وهي ترتعش: سمووي.. والله مو قادرة .. احس روحي بطير؟
سمية: ليش.. شصاير؟
فاتن بهمس : شفته .... سموي شفته ... ويه بويه!
سمية: منوووو؟
فاتن بابتسامه: مشعل..
سمية: اهااااااااااا .. قوليلي شلون صار شكله
فاتن وهي تستند على عمود المحطه: جنان..
سمية: هههههههههههههههههههههههههه صبي هذا ولا بنية ..
فاتن وهي ترتعش: والله سموي لمسي يدي .. احس بروحي ترتجف فيني ..
سمية : اسم الله عليج حبيبتي .. والله مفعوله قوي .. بيف باف؟ هههههههههههههههههه
فاتن بعصبيه: اوهوووووو سموي الله عليج أنا للحين اقولج جذي وانتي تقولين بف باف..
سمية واهي تمسح عينيها من الضحك العميق: ما ادري عنج ترتجفين جذي.. كانج ذبانه ..
فاتن: لكن الشره مو عليج .. الشره علي أنا اللي اقولج يالميهودة..
سمية: ههههههههههههههههههههههههههه ... صح كلامج.. الا اقولج .. مريوم وينها ؟
فاتن: بتتاخر اليوم بتروح عيادة الاسنان..
سمية: شدراج
فاتن حست ان سمية ستبدأ مسرحية الحساسية من صداقه فاتن ومريم العميقه وكذبت عليها: خبرج لازم اتصل فيها كل يوم عشان تقول لي ان كانت بتغيب ولا بتيي عشان لا تورطنا ..
سمية : اهااااا.. والا عليها الخايبة ما تتصل باحد ..
فاتن وهي تنظر بحذر إلى سمية : ايه ..
واتى الباص ليغادر بالفتاتين .. في الحصة الثانية وصلت مريم للمدرسة وهي تتذمر لاخاها عن مدى مرضها وعدم قدرتها على المواصله ..
مريم: تكفى مساعد ردني البيت عندي عذر المستشفى
مساعد: شلون بتردين البيت والمدرسه؟ .. انتي ناسيه انج رابعة ثنوي ولا شنو..
مريم: ما نسيت بس من يوم بدت المدرسة وأنا ما غبت.. وبصراحه اليوم الاربعاء يعني مالي بارظ شي.
مساعد: خفي دلع ويالله قومي بسرعه..
مريم تتأفف من اخيها المتزمت محب المدرسة.. لو كان لؤي هو من يوصلني لاختلفت الاوضاع.. هو على الاقل ينصاع لكلامي لانه مثلي.. لكن مساعد هو من وقع سوطه علي واصبحت كالربيبة له .. ولكنه اخ فاضل.. لو يخف علي بتزمته لكان افضل..
دخلت مريم مع اخاها للمدرسه والى غرفه الاشراف الاجتماعي.. بنفس الوقت فاتن وسمية كانتا تسيران إلى الادارة لكي تسالان عن اذنهما برحلة الكشافه المدرسيه .. بقيتا جالستين امام غرفه الاشراف وفاتن ارخت حجابها قليلا لان الجو كان حارا جدا..
فاتن: وووه على هالحر .. وين الواحد يقدر يتنفس ماكو هوا
سمية: والله انتي اللي بالشه روحج بالحجاب.. والا احنا بمدرسه من بيشوفنا يعني ..
فاتن: الزراع واللي ينظف والحارس.. مو رياييل هاذول
سمية: اللحين الهنود تتغطين عليهم
فاتن باستغراب: ساعات.. استغرب من منطقج بالحياة.. انتي شلون تعيشين
سمية: هههههههههههههههههههههههههههههههه فتوووووون اموت عليج لين تستوين هبله جذي..
فاتن: ذلفي ما هبله الا انتي.. أنا بروح عند غرفه خالتي (الممرضه )
سمية: لا تصيفين
ذهبت فاتن إلى غرفه الممرضات حيث تعمل خالتها الثالثه .. عزيزة .. لكي تسلم عليها..انتهت الاجراءات وغادر مساعد الغرفه مع مريم وتفاجئت برؤيه سمية التي تخشبت من الرجل الواقف امامها وطارت هاربة عن نظره وكأن مساعد قد القى عليها أي اهتمام.. ترك مساعد اخته وتوجه إلى البوابه الرئيسيه ولكنه اصطدم بفتاة اخرى وثارت اعصابه قليلا..
فاتن والاحراج قد بلغ مبلغه منها: اسفه ..
مساعد: لا ما ...........
صمت مساعد عن الكلام.. وعجز لسانه عن التحرك... وانشلت يده ... فاتن قد هربت من عنده وعادت لغرفه الاشراف ولكنه ظل واقفا مكانه.. فاتح العينين وغير مصدق او واعٍ لما قد جرى للتو.. انها هي .. انها عالية ... كيف هذا.. استدار لكي يرى الفتاة مرة اخرى الا انها غابت عن عينيه .. وكأن الأرض انشقت وابتلعتها سار قليلا لينظر بالساحه ولم يجدها .. سار عند غرفه الممرضات من حيث ما خرجت ولم يراها .. وقف مكانه وهو باكبر دوامة حيرة قد مر بها.. انها عالية .. نفس العينين .. ونفس البشرة .. ونفس البياض.. ولكنها اصغر منها .. من هي يا ترى.. يا سبحان الله .. يخلق من الشبه اربعين بحيث انك لا تصدق من تراه عينيك.. لوهله اعتقد انه رأى عالية ولكنها نسخة حية على هيئتها.. يا ربي..لا بد وانني وقد جننت ..__________________