بم انتصر العرب

وصلت الأخبار إلى ملك الرّوم(هرقل)أنّ العرب فتحوا الحمص والرسن و شيزر ، فكاتب ملوك الفرنجة يستنجد بهم ؛ فأمدوه بجيوش كثيرةٍ . ولم يكن - مع ذلك - واثقاً من انتصاره على العرب ؛ فجمع أهل خاصته من أصحاب الرأي،وكبار القادة ، وراح يسائلهم ويشاورهم في أمر الخطر المحدق بدولتهم.قال:
" إنكم اليوم أكثر عدداً ، وأغزر مدداً من العرب ، وأكثر جمعاً ، وأعظم قوة فمن أين أتاكم هذا الخذلان ؟ وفد هزمتموهم مراراً . و الآن قد علا عليكم العرب ،وهم أضعف الخلق عراة أجساد ، جياع الأكباد ،لا عدد لديهم و لا سلاح ،و قد غلبوكم على بصرى و حوران و أجنادين و دمشق و بعلبك و حمص !!"
فسكت القواد عن جوابه ... ثم قام الحكيم يجيبه، مبيناً له السر في غلبة العرب على الروم ؛ قائلاً: "إن النصر و الهزيمة لا يتعلقان بمقادير القوى المادية فحسب ،وإنما هناك قوى معنوية ، ليست أقل قيمة من تلك ، إن لم تكن أعظم منها أثرا في ترجيح كفة النصر وقد علمت أن هؤلاء العرب ذوو أخلاق كريمة ، صادقون في إيمانهم ،ليس فيهم ظلم ولا عدوان ، و لا يتكبر بعضهم على بعض ،شعارهم الصدق ، وخلقهم الأمانة تحلوا بالشجاعة و القوة البأس ،إذا حملوا علينا لا يرجعون ،وإذا حملنا عليهم لا يولون ، يرون الدنيا دار فناء والآخرة دار بقاءٍ فلا يرهبون الموت في سبيل أهدافهم .إذا غلبوا عاملوا المغلوبين معاملة سمحة رحيمة ، إذا غلبوا لم يثأروا من المستضعفين و المسالمين ، إذا عاهدوا حافظوا على كلمة الشرف ، ولم ينقضوا الميثاق ، ولذا انفتحت لهم قلوب الناس، قبل أن يفتحوا البلاد ، فانتصروا بعددٍ قليل وعتاد ضئيل "فلما سمع ملك الروم (هرقل) كلام الحكيم قال له:
"لقد صدقت. بهذه الشمائل انتصرت العرب علينا لا محالة ،و لا بد لهؤلاء العرب أن يملكوا ما تحت سريري هذا."و كاد يتراجع عن القتال العرب في أرض سورية ولكن قادة جيوشه حذروه مغبة هذا التراجع ، إذ يضعف من هيبة الدولة الرومانية ويشمت بها أعداءها
اسم الكاتب الواقدي من كتابه (فتوح الشام)بتصرف

شكراً لك أختي ع الموضوع الرائع

لا شكر على واجب

شكرا لكى اختى على الموضوع الرائع